مازالت هناك تدابير ناقصة!!
< هل هناك جهات داخل المؤتمر الوطني أو في مؤسسات الدولة، لا تريد للحوار الوطني وما أعلنه الرئيس بشأن الحريات العامة وتهيئة المناخ للعمل السياسي، أن يصل إلى نهاياته ويحقق أغراضه؟ وهل هناك عقبات ستقف حجر عثرة تعيق التقدم نحو المشتركات بين كل السودانيين في أحزابهم والقوى الاجتماعية والسياسية التي تتقارب بالحوار وتتباعد عن محطات الخصام؟ < تثور مثل هذه الأسئلة لدى كثير من الناس، ويتشكك حتى بعض الذين شاركوا في لقاء المائدة المستديرة يوم «6» أبريل بقاعة الصداقة، في إمكانية حدوث الانفراج السياسي بسرعة نظراً لوجود تعقيدات إجرائية كثيرة داخل أجهزة الدولة تجعل الأمد طويلاً حتى ينبلج فجر الوعد الذي قطعه السيد رئيس الجمهورية لشعبه. < من الواجب القول إنه ليس بالإمكان في ظل الحقائق الموضوعية، أن تصبح البلاد بين ليلة وضحاها في شأن آخر، فقط بتوجيهات رئاسية، فهناك فرق بين التوجيهات التي صدرت عن الرئيس والكيفية ومداها في تطبيق هذه الإجراءات وتنزيلها إلى الأرض وجعلها واقعاً ملموساً. < وذلك لأسباب قد تبدو موضوعية، فإطلاق الحريات العامة بالصورة التي تناولها خطاب الرئيس تتطلب بالفعل، تكيفات دستورية وقانونية محددة، فهناك نصوص قانونية أو توجيهات تحظر النشاط السياسي والتجمهر خارج دور الأحزاب لتقديرات أمنية تتعلق بالأمن العام في المجتمع، فبدون معالجة أمر هذه النصوص والقوانين وكشط ما هو معيق للحريات لا يمكن وضع التوجيه الرئاسي في مساره الصحيح، لأن أول اختبار عملي واجه صعوبات بالغة في تطبيق ما تمخض عن لقاء المائدة المستديرة، وكثير من أدوات السلطة المعنية بتنفيذه لم تتهيأ بعد وتتماشى مع الواقع الجديد الذي هدفت إليه التوجيهات الرئاسية. < وهذا في مجمله شيء طبيعي، فمؤسسات الدولة والحزب الحاكم التي كانت تمتطي صهوة السلطة المطلقة، تحتاج إلى وقت حتى تألف ما ينتظرها من تقييد وتحديد، فمقيدات ومحددات البيئة السياسية المولودة من رحم المائدة المستديرة، تتطلب تفهماً وانسجاماً من أدوات السلطة حتى توافيها مستحقها.. وذلك شيء يحتاج إلى صبر وجلد من المتشوقين إلى نسمة الحرية.. فليس بالإمكان أبدع مما هو كائن!! < أما كيف ستنجز الحكومة ما وعدت؟ فإن الأمور معقودة بخطوات جادة لتعديلات في القوانين والتشريعات التي كانت تقيد العمل السياسي وتحد من الحرية الصحفية وتضع الفاصل والحجاب الحاجز بين الفوضى والحرية.. فهذه عناصر لكيمياء معقدة ليس من السهل التوصل إلى معادلاتها برغم توفر كل عناصرها!! < فعلى الأحزاب السياسية وخاصة المعارضة ألا تستعجل أو تسعى لإحراج الحكومة التي لم تزل تحاول إقناع نفسها بارتداء زي الحرية والتسامح الفضفاض الذي فصلته بنفسها فنفخته الريح من كل جانب، فأية محاولة لجعل الحكومة تخرج في ثوبها الواسع قبل أن تحسن لبسه سيجعلها تضطرب في لملمته حول جسدها وهي تواجه عاصفة الأحزاب المتعطشة إلى الحرية.. فيضيق الثوب وتتعثر الحكومة في أكمامها وأذيال ثوبها.. فيجب أن نتركها حتى تضرب بخمارها على جيبها!! < ومن حسن الظن اليوم بعملية الحوار، أنها تكسب كل يوم عدواً وخصماً عنيداً، فقوى وتحالف ما يسمى الإجماع الوطني وما تبقى منها، هي اليوم أقرب ما تكون إلى التأرجح بين حرصها على البقاء حيث هي، ورغبتها الجامحة في اللحاق بالركب الذي انطلق، فهي تريد من يشجعها ويدفعها إلى اتخاذ الخطوة الأولى والقرار الصائب السليم، ونحن من الذين يظنون أن هناك فرقاً من قوى اليسار وقيادات تريد اللحاق، لكن ارتباط هذه التنظيمات بالخارج خاصة اليسار الأمريكي ممثلاً في الحزب الشيوعي يمنعها من وضع الأقدام على الطريق الصحيح على مظنة أن النظام القائم لا محالة سيسقط كما توهم قوى غربية أتباعها وكلاب صيدها بذلك. < فلا يمكن تفويت الفرصة على المتربصين بالحوار والسودان والمستنكفين من المعارضين، إلا بأن تزال كل القيود والعقبات ويقبل الجميع على تنزيل ما ورد في خطاب الرئيس الأخير، وجعل البلاد كلها تقف تحت فضاء التغيير والإصلاح والوفاق. [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة