إدارة الدرداقات الحكومية
هل مررت يوماً بـ(ست الشاي) في أي مكان..هل تعلم أن كرسي البلاستيك الذي تجلس عليه لتحتسي الشاي مع بقية الزبائن.. هو من ممتلكات الحكومة السودانية!! أي والله هذا ما نقلته لي أمس (ست شاي) اتصلت بي هاتفياً من حلة كوكو- عبر موبايل أحد الزبائن الذي طلب منها شرح الحال لي..
(ست الشاي) قالت لي إنها تدفع يومياً خمسة جنيهات.. لمتحصل حكومي يمر عليها (يومياً).. نصف جنيه مقابل الكرسي الواحد. . وتستخدم هي عشرة كراسي لزبائنها..
قال لي إن المبلغ كبير عليها فطلبت من (الحكومة) أن تسمح لها باستجلاب كراسي خاصة بها (خصخصة الكراسي) .. لكن (الحكومة) رفضت بشدة, يجب استخدام (كراسي الحكومة) فقط.. ودفع قيمة الإيجار اليومي.. عن يد وهن صاغرات..
سألتها.. وهل يسلمك إيصالاً مالياً نظير ما تدفعينه؟؟ طبعاً لا..!!
(ستات الشاي) لسن هن وحدهن من يدفعن هذه الرسوم.. (أطفال الدرداقات) أيضاً بل وأسوأ.. إذا ذهبت إلى سوق الخضار ستشاهد عشرات من الصبية الصغار وهم يدفعون أمامهم (درداقة) ينقلون فيها ما يشتريه الزبائن من خضار.. كل صبي عليه أن يدفع (عشرة جنيهات) يومياً نظير (الدرداقة).. حتى ولو لم يعمل بها.. حتى ولو لم يجمع ما يعادل رسومها الحكومية.. وفي سوق الخضار لو دققت النظر جيداً سترى لافتة كبيرة مكتوب عليها (إدارة الدرداقات).. إدارة حكومية مهمتها تحصيل إيجار (الدرداقة) من هؤلاء الصبية..
أما في سوق (قندهار) أو في الأسواق الأخرى التي تقدم فيها النسوة الشواء على الهواء مباشرة,. فقد ابتكرت الحكومة (الرسوم الذكية).. تدفع كل إمرأة مقابل (العنقريب) الذي يجلس عليه الزبون.. فـ(العناقريب) ممتلكات حكومية تابعة للمحليات.. وتتقاضى إيجاراً يومياً مقابل كل (عنقريب)..
طبعاً ربما لا تجد الحكومة جيشاً من المتحصلين ليتولوا ويومياً هذه المهمة الشاقة.. مهمة تحصيل كل كراسي ستات الشاي في العاصمة ( العدد لا يقل عن عشرة آلاف).. وكل (درداقات) الخضار.. وعددها لا يقل عن بضع آلاف.. ثم كل (عناقريب ) الشواء.. وهي الأخرى عدة مئات.. لكن الحكومة ابتكرت وسيلة (ذكية) للتحصيل.. تطرح المهمة في عطاء.. وعلى من يفوز به دفع القيمة التقديرية للحكومة .. وحلال عليه كل ما يحصل عليه من ستات الشاي وصبية الدرداقات ونساء الشواء..
بالله عليكم راجعوا تاريخ السودان من (بعانخي) وحتى اليوم.. ولا تستثنوا حتى المستعمر التركي ثم البريطاني.. هل مر بالشعب السوداني مثل هذا المسلك.. حكومة (راغبة وقادرة) على انتزاع لقمة جافة من فم أطفال صغار ونساء ضعاف..
بالله عليكم هل هناك أظلم من هذا .. لماذا تتحدث الحكومة عن (خصخصة) الشركات الكبرى.. بينما تمارس (تأميم) كرسي ستات الشاي وعنقاريب نساء (قندهار) ودرداقات صبية سوق الخضار..
وكما يقول زميلنا عثمان شبونة.. (أعوذ بالله)..
[/JUSTIFY]حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]