عثمان ميرغني

لا.. يا وزير الدفاع

[JUSTIFY]
لا.. يا وزير الدفاع

نشرت غالبية الصحف أمس تصريحات لوزير الدفاع الفريق أول مهندس عبد الرحيم محمد حسين.. أمام قوات (الدعم السريع) في مدينة الفاشر.. قال فيها إن أداء هذه القوات “رفع رأس القوات المسلحة السودانية”!!.

ونحن لسنا في موقف تقييم أداء قوات (الدعم السريع).. فذلك شأن عسكري محض.. له أهله ومختصوه.. لكننا نستغرب حد الدهشة أن تكون القوات المسلحة السودانية في حاجة لـمن (يرفع رأسها!!).. فمتى طأطأت رأسها أصلاً؟؟

جيشنا الوطني الباسل ظل طوال عمره المديد مرفوع الرأس.. حارب منذ ما قبل الاستقلال خارج أراضينا وأبلى بلاءً حسناً بشهادة العالم أجمع.. ثم شارك إخوانه المصريين في الدفاع عن مصر ضد إسرائيل في أكثر من حرب.. وظل منذ الاستقلال محافظاً على حدودنا وما أطولها وأعقدها وكثرة الطامعين- ومع ذلك يعض عليها بالنواجذ.. جيشنا ليس في حاجة من الداخل أو من الخارج – لمن يرفع رأسه.. لأنه أصلاً لم يطأطئ رأسه.. ولا رأسنا..

الذي يحتاجه جيشنا أن (يرفع الساسة رأس بلدهم).. بعدما أغرقوا الوطن في الاحتراب.. قبل أن تنتهي حرب الجنوب – أطول الحروب الأهلية في العالم- كانت دارفور تتلظى بحرب جديدة.. حرب عبثية كارثية وصلت اليوم مداها.. حولت جيلاً كاملاً من أبناء دارفور إلى قاطني (معسركات النزوح) بكل ما فيها من إهانة وجرح كرامة لشعب كان يكسو الكعبة المشرفة فباتت تكسوه المنظمات الأجنبية..

ثم تمددت الحروب إلى أغنى إقليمين في السودان.. جنوب كردفان والنيل الأزرق.. وأصبح السودان كله كأبي العلاء المعري (رهين المحبسين!!!!!!).

رأس السودان خفيض في المحافل الدولية لأننا بلد ظل عقوداً من الزمان تحت سيف رقابة اللجنة الدولية لحقوق الإنسان.. لدرجة أن وزير العدل في مطار الخرطوم وهو قادم من جنيف.. يهتف ويكبر لأن السودان نجا من الإدانة الدولية بالكاد.. بصوت واحد هو صوت دولة (كوبا) أعتى عتاة منتهكي حقوق الإنسان..

رأس السودان خفيض.. يحتاج لمن يرفعه.. لأننا شعب فقير رغم ثراء بلدنا.. ننتظر الإغاثات الدولية، وتعيش دارفور أكبر أقاليم السودان مساحة وسكاناً على (فضلة خير) المنظمات الدولية لما يربو على (11) عاماً..

رأس السودان في الأرض.. لأن شعبنا من فرط ضيق الأرض عليه بما رحبت.. طفق يهرب زرافات ووحداناً.. إلى أي مكان في العالم بما في ذلك إسرائيل.. التي تستضيف جالية سودانية ضخمة.. وصلت عبر الأسلاك الشائكة الملغومة والمحفوفة بالدم والفناء.. شبابنا فضل الموت رصاصاً على العيش قهراً وحرماناً..

رأس السودان في الأرض.. لأن ساساته لا جيشه- هو من يتنازل عن الأرض..

سعادة وزير الدفاع.. جيشنا ليس في حاجة لمن (يرفع رأسه).. لأنه أصلاً لم يطأطئ رأسه..!!

إلا إذا كان لسيادتكم رأي آخر..!!

[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]