من يكسب الرهان .. أحزاب الحكم أم أحزاب المعارضة ؟
سباق مارثون الانتخابات بدأ ومنذ زمن بعيد وبدأت القوى السياسية تتهيأ لذلك.. عندما جاءت مبادرة الهندي محمولة جواً الكل سأل نفسه هل نستطيع أن نمضي فيها ومعلوم أن نتيجتها هي التحول الديمقراطي.. إذن كان ذلك حقيقة وكانت نيفاشا.. المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم)، أسس لقاعدة انطلاقه في مارثون الانتخابات تأسيساً على منهج أخلاقي يقوم على مقاصد الدين.. وبحكم امتلاكه لزمام المبادرة والسلطة واحتكامه إلى رؤية واضحة يراها لقضايا السودان.. قدم في مجال التنمية ما لم يُقدمه غيره من الأحزاب الأخرى (المنضوية في غالبها تحت مظلة التجمع) التي استندت إلى قاعدة مفادها محاسبة الجبهة القومية الإسلامية على تجنيها على الديمقراطية في تجربتها السابقة.. وأخذت تعمل لأجل هذا ردحاً من الزمن متحالفة مع كل من يتفق معها في هذا الإقصاء للحركة الإسلامية السودانية.. وبين هذا وذاك تتداخل إتجاهات القوى الخارجية والداخلية توافقاً واختلافاً.. تحالفاً واستقطاباً..
كان قيام الانتخابات نفسها مرفوضاً من بعض القوى فدفع المؤتمر الوطني باتجاه قيامها.. كان أمر تمويلها معضلة ولكن بعد أن جاء التوافق على الدوائر الجغرافية داعماً للرأي الراجح (قيام الانتخابات في مواقيتها).. ولكن تبقى مسألة التحالفات والدور الأجنبي هي العقبة المفصلية في لعبة الانتخابات والديمقراطية القادمة. قالت إنه مطلوب تحديد يوم للمفوضية للقاء مناديب الأحزاب وإن ما رشح من معلومات حتى الآن هي معلومات كثيرة وقيمة و تحتاج لمزيد من النقاش وركزت على ضرورة حصول الأحزاب على نسخة أساسية من الإحصاء السكاني، معلنة أن الخطوة الأولى قد بدأت. تحدثت عن بعض التحفظات التي أكدت أنها لابد من مناقشتها في لقاء آخر. وقالت: نحن كأحزاب لم نتعرف بعد أو نطلع على الأحكام والقواعد الواردة في القانون.. فقانون الأحزاب على سبيل المثال تحدث عن تمويل الأحزاب السياسية ولذلك لابد من النقاش المستفيض حول القانون نفسه لأنه تناول بعض المسائل صراحة فيما لم يتحدث عن أشياء أخرى بنفس الصراحة. وختمت مارقريت حديثها بتساؤل مهم هو أنه اذا كان في الإشتراطات أن يكون الناخب موجوداً بالدائرة لمدة ثلاثة أشهر، فماذا عن المرشح إذن؟ أشار إلى أن هناك ارتياحاً عاماً لهذه المفوضية ومثل هذا الفهم يمثل الضابط وبالتالي ليس هناك استطاعة لإزاحة هذا الفهم، ولكن قال: شرطية لازمة هي أنه لن تكون هناك انتخابات ذات قيمة بدون أجواء مواتية. أكد على أهمية الدعوة للتفاكر والحوار وتوفر الأجواء الصحية من قوانين وغيرها وصولاً للديمقراطية المنشودة.. وأشار إلى أن التحول الديمقراطي له مستلزمات ومطلوبات لابد من توفرها بالكامل. وقال إن السيادة عندنا هي أهم من قيام الانتخابات نفسها. إذن ندخل الانتخابات وهناك ملمحان، الأول هو ملمح قوى التجمع ووجهتها لإقصاء الحركة الإسلامية والثاني هو ملمح الحزب الحاكم والقوى السياسية المتحالفة معه.. فلمن تكون الغلبة إذاً في هذه العملية الانتخابية التي تكتسب أهمية إقليمية قبل أن تكون أهمية محلية.. في هذه المساحة نقف على أكبر لقاء تفاكري جمع بين أسرة مفوضية الانتخابات بكاملها وأسرة الأحزاب السودانية التي ستخوض الانتخابات، حيث رصدنا ما دار جيداً: عصام الدين ميرغني جمال أمين عام حزب وحدة وادي النيل يشيد بفكرة اللقاءات المتواصلة بين المفوضية والأحزاب لما لها من فوائد في هذه المرحلة الإبتدائية من عمر الانتخابات والإجراءات. وأشار أنه في السودان وبحكم التجربة السياسية لا توجد دوائر مقفولة للأحزاب المتنافسة، كما أن مسألة دوائر النفوذ هي قضية عفى عليها الزمن وأصبحت غير ذات جدوى أو موضوعية. ويمضي فيقول إن الموضوعات التي تهمنا في هذه اللقاءات التفاكرية هي ضرورة التركيز على الباب الثامن من قانون الانتخابات لعام 2008م، وذلك في الفرع الأول من المواد 64 إلى المادة 70 لما يمكن أن يحقق ما تسعى اليه مفوضية الانتخابات وما نطلبه نحن وننشده كأحزاب، من الديمقراطية والنزاهة والشفافية. وتلك المسائل تتجلى واضحة في المادة 65 والتي بينت حقوق الأفراد والأحزاب المشاركة في اللعبة الانتخابية.. وبالتالي ما نريده هو الإهتمام بالمضمون وليس الشكل وأن تتاح للمتسابقين كل الأدوات بكل شفافية.. مع التشديد على منع التعديات بين الأحزاب بسبب أن هذا له إمكانات وأن ذاك ليس له حتى نخرج في المحصلة النهائية بانتخابات نزيهة وشفافة، وهذا لن يتأتى إلا بالنقاش المستفيض حول المواد أعلاه من القانون. سارة نقد الله عن حزب الأمة: مارقريت صمويل أرو من حزب سانو: عبد الله عبدالرحمن بركات عن حزب الأمة الإصلاح والتجديد: محمد ضياء الدين من حزب البعث العربي الإشتراكي: جملة التطمينات حول الدوائر وترسيمها وتمليك الحقائق للقوى السياسية المختلفة حملها البروفيسور مختار الأصم عضو مفوضية الانتخابات ورئيس لجنة ترسيم الدوائر الذي رد بالقول على بعض النقاط التي ذكرت في الملتقى من قبل بعض ممثلي الأحزاب.. ومضى شارحاً: أحب أن أوضح بعض الحقائق للذين يتحدثون عن اللجان العليا والخشية من أن المفوضية قد تنازلت عن صلاحياتها وهذا ما لم يحدث، فاللجان العليا قدمت مقترحاتها ودراساتها للمفوضية، كما أن المفوضية لها لجنة مختصة هي لجنة السجل والدوائر والتي ظلت في اجتماعات دائمة تنظر في مقترحات اللجان العليا، وذلك وفقاً لتطبيقات القانون. والقانون جاء للمفوضية بتفاصيل الإحصاء الدقيق، حيث ظلت هذه اللجان المختصة تدرس فيما أتاها من اللجان العليا وتعدل وترفض وترسل رأيها المخالف لأعضاء اللجان العليا إلى أن عدلت تلك اللجان في مقترحاتها وأتت هذه المقترحات والآراء متوافقة مع الإحصاء السكاني الدقيق الذي شمل حتى الأحياء الصغيرة والقرى وتفاصيلها. وتم تجميع تلك القرى والأحياء في مجموعات إحصائية إلى أن تأكدنا أنه لا توجد دائرة جغرافية قومية مثلاً تزيد عن 165 ألف وهو الحد الأعلى، مع العلم أن الحد الأعلى نفسه هو 145 ألفاً، فقد وضع هذا المعيار وذلك في أن لا تزيد دائرة عن 15% مما يُعرف بالقاسم الانتخابي ولا تقل عن 15% في القاسم الانتخابي. ومضى بروفيسور مختار قائلاً: هذا هو دور المفوضية القائم على التأكد من أن تلك اللجان العليا انتبهت لهذا العمل، فالمفوضية رفضت بعض مقترحات اللجان العليا حول الدوائر الانتخابية وهي في ذلك الرفض تنفذ القانون الذي حدد القاسم الانتخابي الوطني بـ 145 ألفاً، يقل 15% أو يزيد 15% وليس أكثر من ذلك. إذن فالعملية لم تكن سهلة ولكن التزمنا بها ونعتقد أن الدوائر قد أتت متوافقة مع الإحصاء السكاني ومع القانون، ليأتي هنا الرد القاطع لكل الذين يتساءلون، والذي هو أن المفوضية لم تتنازل عن سلطاتها وصلاحياتها للجان العليا. أما عن تهيئة الأجواء فيقول بروفيسور الأصم إن العملية الانتخابية ليست مسألة فنية فحسب، بل هي عملية سياسية وهذه تستوجب أجواء مواتية للدخول في اللعبة الديمقراطية وأن يدرك كل حزب أن هناك فائزاً ومهزوماً وهناك من يدخل السلطة ومن يكون خارجها وما يجب أن يكون هو مسؤولية الجميع. وسبق أن تحدثت عن مفوضية الانتخابات ومسؤوليتها في إدارة الانتخابات وحديثي كان منصباً على أن الحديث الذي دار عن حكومة قومية بعد نيفاشا لم يأتِ الرد هنا حول هذا الحديث لا من المؤتمر الوطني ولا الحركة الشعبية، إنما أتى الرد من أصدقاء نيفاشا وأصدقاء الإيقاد الذين ذكروا صراحة بأن كل التجارب العالمية في الانتخابات ليست بجعل حكومة قومية تدير الانتخابات، إنما بإسناد المهمة لجهاز قومي محايد ليدير الانتخابات وكان ذلك هو الرد على مقترح الحكومة القومية. أما في حديثه عن اللجان العليا فيقول بروفيسور الأصم: إننا عندما بدأنا في اختيار اللجان العليا فوجئنا بصعوبات كثيرة جداً بالذات في بعض المناطق بجنوب السودان، لأننا وضعنا قواعد صارمة للإلتزام بها، وذلك تحت شروط واضحة منها أن لا يكون عضو اللجنة عاملاً بالخدمة المدنية ولا منتمٍ لجهة سياسية أو يكون من ذوي المقدرة والكفاءة في هذ العملية الانتخابية. وبالتالي نعترف أنه لم يكن الاختيار سهلاً. وطرحنا هذه الأسماء على الأحزاب السياسية ولقد راجعنا اللجان العليا وفي بعض الأحيان تم إلغاء لجان بأكملها. وإلى الآن نحن في المفوضية القومية صدرنا مفتوح لأي اعتراض على أي شخص نرى أنه غير محايد. الخلاصة.. إذن كانت هي مساحة حوار إيجابي جمع بين رئيس وأعضاء مفوضية الانتخابات وبين الأحزاب والتنظيمات السياسية، جاء فيها تأكيد المؤتمر الوطني على التعامل بشفافية مع كل الأحزاب في الانتخابات واحترام قواعد العملية الديمقراطية. كما جاء في هذا التلاقي السياسي الكبير التأكيد على التدريب وتمليك كل الوثائق والإبتعاد عن المكايدات. تساءل الكل عن ميزانية الانتخابات وعن دور مفوضية الانتخابات في إنجاح الانتخابات القادمة.. وتساءل السياسيون أيضاً عن ما هي الحلول والبدائل في حالة عدم التزام الدول المانحة بالتمويل.. ففي هذا الحوار تم طرح كل شيء دون تحفظ وناقشت أسرة المفوضية وأسرة الأحزاب كل شيء من الألف إلى الياء والكل يحمل الكرة ويرميها في ملعب الآخر لإنجاح العملية الانتخابية.
المصدر :اخر لحظة