أين تسهر هذا المساء؟
يوم الاثنين الماضي سهر ميدان الرابطة في شمبات مع الندوة المفتوحة لحزب “حركة الإصلاح الآن”.. أول لقاء جماهيري مفتوح بعد القرار الجمهوري القاضي بفتح الحريات السياسية..
ويوم غد الجمعة سيسهر الجمهور وفي نفس الميدان مع أول لقاء مفتوح لقوى الإجماع الوطني.. مجموعة الأحزاب الأشد معارضة.. وفي الأسبوع القادم يستمر مسلسل الندوات في مواقع أخرى.. أهمها بري وجبل الأولياء والكلاكلة..
وبالطبع كثيرون يفترضون أن هذه الحريات ستساهم في حراك سياسي إيجابي يحرك الأوضاع الساكنة ويحقق مبدأ التحاكم للشارع العام..
لكني أخشى من نقيض هذه الأمنيات.. وحيثياتي بسيطة.. من وقائع اللقاء الجماهيري الأول لحركة الإصلاح الآن.. واضح أن الأحزاب حتى الآن إما أنها (لا) تصدق حكاية الحريات… أو أنها تبتلع في جوفها (رقيب) كبير يجعل لسانها بالكاد قادر على الحركة..
لم أتمكن من حضور لقاء “حركة الإصلاح الآن” لتعارضه مع حدث أهم (أهم بالنسبة لي على المستوى الشخصي).. لكن من واقع الأخبار والشهود الذين شاركوا في اللقاء.. تأكد لي أن الأحزاب ربما لم تدرك حتى الآن الفرق بين ندوة تلفزيونية أو صالونية أو في قاعة الشهيد الزبير تحت نسيم أجهزة التكييف ووسط زحام المرطبات.. و لقاء جماهيري مفتوح.. حضوره يتطلب تكبد مشاق ركوب المواصلات.. والجلوس في طقس جاف من الهواء ومن المنعشات الأخرى..
في الندوات (المرطبة).. الجمهور قابل للاستمتاع والاستمتاع بالتحليل الهادئ الرصين .. لكن في عراء ميدان الرابطة الجمهور(الواقف) يفضل (المواقف).. يريد أن يسمع (مواقف) قاطعة بعبارات ملتهبة حول الواقع والمستقبل.. يريد أن تهتز أكفه بالتصفيق وربما بالهتاف انفعالاً بـ(المواقف) المعلنة..
ومن هنا تأتي خطورة هذه (البروفات) للحريات السياسية.. فإذا استمرت ندوات الأحزاب بمثل إيقاع ندوة الإصلاح.. فسيفضل غالبية الجمهور أن يقرأ أخبار اللقاءات في الصحف.. ويكسب الزمن والجهد والمال الذي كان ينفقه في رحلة الذهاب والإياب من اللقاء الجماهيري..
بكل يقين حزب المؤتمر الوطني يخامره إحساس منعش.. وكأنى به يقول (لوكنا نعلم هذا لفتحنا الحريات قبل عشرين عاماً).. فهو حزب المؤتمر الوطني- شامت في حزبين.. حزب معارض يدرك أن الخروج لميدان (الرابطة) يكشف عدد العضوية والأتباع والمتعاطفين الذين قد تسعهم غرفة واحدة في أي بيت.. وحزب آخر.. يصعد خطباؤه إلى المنابر الجماهيرية.. ولسان حالهم يقول ما قاله عادل إمام في فيلم (الأفوكاتو) أمام المحكمة ( يا مولاي.. ماذا أقول .. وقد قيل كلما قيل..)..
مشكلة الأحزاب بما فيها أبوهم الذي علمهم السحر حزب المؤتمر الوطني – أنها لم تتعلم بعد فن (الإعلام الجماهيري).. تظن أن مجرد وجود (ساوند سيستم) ومنصة خطابة خلفها لافتة جميلة.. كافية لإيصال الرسالة الإعلامية..
بصراحة.. بمثل هذه الطريقة.. الحريات ستفقد شعبيتها..!!
[/JUSTIFY]حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]