الف نَيلة ونَيلة (3)
توقفنا بالامس وعنتر يستل سيفه كعادته دائماً منذ ان تعرفت عليه، فهو لا يفوت اي فرصة حتى يستخرج ذلك السيف البراق ليقطع به رقاب (الخونة والمارقين)، وللأسف كان (ود التومة) الجزار احد هؤلاء (الخونة والمارقين) وذلك بعد ان (استخسر) في عنتر (خروف).!.. وحاول خداعه بشوية (مقانص)، الامر الذى دفع عنتر لإلقاء ابيات من الشعر قبل ان يستل سيفه، ويحاول قطع عنق (ود التومة) قبل ان أتدخل انا وبسرعة لأمسك بيد عنتر الضخمة كالطفل الصغير وانا اصرخ: (الرحمة ياعنتر…الرحمة…دعه فإنه لا يزال غراً ساذجاً).!
هنا نظر الي عنتر بدهشة قبل ان يقول لي وهو يعيد ذلك (السيف المرعب) لغمده: (عجيب امرك يارجل…اتدافع عن هذا الرعديد).؟…اجبته بسرعة: (والله ياعنترة لو علي انا، نفسي تقطع ليهو رقبتو ولو في طريقة تقطع ليهو (حاجات تانية كمان)..بس يا اخوي البلد هنا فيها قانون..وعاااادي ممكن تلقى روحك بكرة معلق في حبل المشنقة تتطوطح زي سلك الكهرباء القاطعو هواء)، هنا قاطعني عنتر بعصبية: (ويحك يارجل…من يجرؤ على ان يضعني في الهواء)..؟..هنا عرفت ان عنتر لن يفهم حديثي، فنظرت الى (ود التومة) الذى تكوم في ركن قصي من الجزارة وهو جاحظ العينين، قبل ان اقول له في سخرية: (اها يااخينا…الزول دا حتديهو الخروف..ولا يقرأ ليك بيتين تلاتة من الشعر بتاعو دا)، وبالتأكيد انتم لستم بحاجة لمعرفة ماحدث، ولستم بالغباء الذى يمكن ان تتخيلوا معه ان يرفض (ود التومة) شراء عنقه من البتر.!
حمل عنتر الخروف الجاهز على كتفه ونحن نسير الى منزلي، اصدقكم القول انني لم اتذوق طعم اللحمة لمدة تزيد عن الخمس سنوات، لذلك من الطبيعي ان استضيف عنتر في منزلي، وان نأكل مع بعضنا البعض (عيش ولحمة)..ا…اقصد (عيش وملح).!.
وصلنا الى المنزل فجلس عنتر على الاريكة المطلة على نافذة الشارع، ومدد قدميه قبل ان يقول لي بهدوء: (غريب امر بلادكم هذه…مالي لا ارى فيها حرباً تدور ولا قطاع طرق يتجولون في ازقتها…هل انتم ملائكة)..؟…ضحكت بصوت عال وانا اقوم بتقطيع اللحمة قبل ان اجيبه بسرعة: (مافيها حرب تدور..؟…انت يازول ماواعي ولاشنو…على الطلاق الحروب القامت في البلد دي مافاضية لي داحس والغبراء بتاعتكم ذاتو)…صمت عنتر دون ان يجيب علي قبل ان يسألني مرة اخرى: (وقطاع الطرق).؟…زادت ضحكاتي في تلك اللحظة وانا اجيبه: (والله ياعنتر يا اخوي قطاع الطرق هنا عندنا شكلهم مختلف..واسلوبهم ذااااتو مختلف)، اراد ان يسألني مرة اخرى ولكن طرقات عالية على الباب جعلته ينتفض من مكانه مستلاًَ سيفه من جديد، لأشير اليه بسرعة واقول: (يااخوي دخل سيفك دا…مامعقولة كل ماتسمع ليك كلمة ولا صوت تمرق المصيبة دي)، اجابني بتوتر: (ربما هي غارة مفاجئة)، اجبته وانا اتجه لفتح الباب: (كدي روق وارتاح اشوف الحاصل واجيك).
توقفت امام الباب وصحت بصوت عال سائلاً عن هوية الطارق، فأتاني الصوت من خلف الباب: (نحنا ناس النفايات)…هنا رسمت ابتسامة على وجهي وقلت لعنتر بصوت عال: (والله يااخوي كلامك صحي…دي فعلاً غارة مفاجئة).!
(نواصل غداً)
[/JUSTIFY]
الشربكا يحلها – احمد دندش
صحيفة السوداني