عثمان ميرغني

بالله عليكم.. لا تتأخروا

[JUSTIFY]
بالله عليكم.. لا تتأخروا

من أجل وطن قوي.. لابد من (معارضة) قوية.. توازن كفة الحكومة.. فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة.. وبعد ربع قرن من الحكم المطلق.. وديكتاتورية الرأي الأول والأخير.. الفرصة أكثر من مواتية لفرض التوازن السياسي..

الأمر لا يحتاج إلى مال أو سلطان.. بل مجرد فكرة ذكية تجمع الشعب في صف واحد يعبر عن ذاته.. والفكرة طرحتها لكم في اليومين السابقين.. تأسيس (قوى سبتمبر)، شجرة من دماء الشهداء الذين سقطوا وهم يصدحون بصوت الشعب بلا بطاقة حزبية ولا قبلية.. أقل ما يمجد ويخلد رسالتهم أن تجتمع كلمة الشعب على اسمهم( قوى سبتمبر) وتصطف في تيار واحد عريض لا يغرق في بحور التفاصيل بقدر ما يندفع بقوة (البند الأول) الذي يصنع الأجندة الوطنية..

لو أضاعت أحزاب المعارضة الوقت في اجترار خبرتها القديمة التقليدية فإن السلطة المطلقة تزداد إطلاقاً ولا يخسر غير الشعب الذي ما استبقى شيئاً من كرامته..

نصف الوطن مهاجر في بلاد الله بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت.. والنصف الباقي مفجوع في مستقبله.. ما أبقاه في الوطن إلا ضيق أبواب الخروج.. مئات الآلاف من المعاشيين الذين اعتصروا عمرهم للوطن.. لا ينالون الآن إلا الإهانة في الدريهمات التي لا تكفي سد رمق يومين متتاليين.. وحتى هذه الدريهمات لا يحصلون عليها إلا بشق الأنفس..

ولا أبأس منهم إلا الشباب.. استثمار الأسر عبر السنين.. دفعت فيهم القرش الأسود ترجو يوم عطائهم الأبيض.. فإذا بهم مجرد جحافل من العطالى يتسكعون الأمل الضائع.. هذا للمحظوظين الذين أخطأتهم أوكار المخدرات والتشرد والتيه الأخلاقي..

بالله عليكم أسألكم من ضميركم ما الذي يجعل مثل شعبنا فقيراً.. شح الأراضي أم المياه أم الثروات الباطنة والظاهرة.. نملك كل شيء.. ولكن بكل أسف تكبلنا أغلال سوء الإدارة والفساد والإفساد وقهر الرأي الواحد..

يجب أن نعلن ميلاد (قوى سبتمبر) حتى لا نرهن حاضرنا ومستقبلنا لـ(محاسن الصدف).. (قوى سبتمبر) ليست مع وضد.. هي فقط مع السودان وضد الظلم.. عندما يرتفع (صوت) الشعب ينخفض (سوط) القهر..

المطلوب الآن وبأعجل ما تيسر تحالف عريض غير مشروط ببطاقة سياسية.. فرض عين على كل مواطن سوداني أن يكون في نسيجها.. تحالف من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.. والفئات والمهنيين.. وكل أطياف وتقاسيم المجتمع السوداني.. هذا التحالف سيشعل زناد (البند الأول) فقط لا غير.. ليسوا في حاجة لمتاهة في الأجندة.. فما أكثر أولوياتنا.. لكنها كلها ستأتي طوعاً أو كرهاً عندما يصبح الشعب السوداني نهراً جارفاً بصوت وقلب واحد.

التصريحات التي تملأ أثيرنا السياسي هذه الأيام (غير منتجة).. صحيح تزجي الوقت وتمنح الإعلام والصحف مادة تقتات بها.. لكنها لن تحرك ساكن حالنا النكد.. والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. لابد أن نلتقط نقطة البداية.. لنشرع في رحلة الألف ميل..

بالله عليكم لا تتأخروا.. في كل ساعة تمضي تموت عشرات الأنفس البريئة في دارفور والمنطقتين.. هذا غير الأحياء الأموات في معسكرات النزوح.. مئات الآلاف من الأطفال ينتظرون مستقبلا خالي تعليم.. ومثلهم نساء أرامل التهمت الحرب اللعينة أعمدة حياتهن.. بئر معطلة في دارفور وقصر مشيد في الخرطوم.. معادلة ظلم ستصنع وجع الإحساس. بوطنين.. وطن في مركز لا يأسى على وطن في الهامش..

بالله عليكم لا تتأخروا.. الشعب ينظر إلى عقارب الساعة.. وينتظر شمعة أمل.

[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]