باقان وفجيعة النعمان
(بصراحة.. بصراحة شديدة، كنت أعتقد أن الأستاذ باقان أموم أكثر نضجاً مما بدا عليه، فقد شاهدته الليلة الماضية من خلال الفضائيات، وكنت أعتقد أنه من السياسيين الذين يحسبون مرة وإثنين وثلاثاً أقوالهم قبل أن يدلوا بأي تصريح، لكنني فجعت فيه عندما سمعته يقول ما لا يجب أن يقال من شخص في موقعه وحجم مسؤولياته حتى في المجالس الخاصة، وأن وحدة الوطن أي وطن وسلامة أراضيه ليست لعبة ولا يلقي القول فيها أو عنها على عواهنه). هذه المقدمة ختم بها أستاذنا الكبير صاحب القلم الحصيف طه النعمان بابه المقروء إضاءات قبل أيام، وهو يتحدث عن تصريح باقان بخصوص الإنفصال القسري عبر برلمان الجنوب المعين.. فأستاذنا قال: إنه قد فجع في رجل يفترض -بحكم موقعه ومسؤلياته- أن يحسب أقواله مرات ومرات، وهذه يا أستاذنا مشكلة الحركة، فهي تترك من لا يجيد الحساب في مواقع يفترض أن يكون كل شئ فيها بحساب، بل تدعه ليكون صوته هو الأعلى للأسف، المهم إنني عندما سألتني قناة الشروق قبل أيام عن رأيي في أقوال باقان الأخيرة، لم أتردد في أن أقول أنها أقوال لم يفكر فيها قائلها أو يحسبها، ولو فعل لما قالها لافتقادها للموضوعية وعدم إستنادها على أي قانون أو سند في المواثيق الدولية للإتفاقيات الثنائية، إذ لا يجوز للحركة أن تقرر بمفردها الإنفصال وهي تحكم الجنوب في فترة انتقالية وفق إتفاقية محددة الآجال والبنود وأن الوطن يظل خلالها موحداً لحين الإستفتاء الذي لن يكون عبر برلمان صغير بالجنوب شكلته الحركة الشعبية، وإنما لكل أهل الجنوب بمختلف إنتماءاتهم السياسية ومن هنا نقول: ليس من حق الحركة التي لا تمثل كل الجنوبيين أو مفوضة منهم أن تقرر الإنفصال متى تشاء، وأن أي قرار تتخذه في هذا الشأن لن يفسر بخلاف أنه خروج عن الإتفاقية الملزمة للطرفين، والتي تسلمت الحركة بموجبها الجنوب بعواصم أقاليمه التي ظلت عصية على التمرد طوال عمره الطويل، كما يجب ألا يفوت على الحركة أن الإنفصال إذا ما تم بعد الإستفتاء القادم سيكون أول الخاسرين فيه هي، فإننا بعد رحيل القائد الكبير والمفكر د. جون قرنق ظللنا نشهد بروز الصراعات ذات الطابع القبلي بشكل لافت بهيمنة قبائل على أخرى، وتذمر قبائل من سيطرة أخرى لتظهر تبعاً لذلك تحالفات قبلية وصدامات قبلية كما جرى، كما شهدنا ظهور تيارات متباينة في الفكر والرؤية وشهدنا بوضوح عدم وحدة الكلمة والمواقف وسط القيادة، الشئ الذي إن لم يعمل القائد سلفاكير على إحتوائه ستكثر فواجعنا أستاذنا النعمان.
المصدر :اخر لحظة