تواطؤ مقصود
من البديهيات ألا يتم تجاوز أي قرار من جهة تشريعية بعد أن أنابت هذه الجهة عن المواطن وأصبحت هي عينة داخل أي مجلس برلماني او تشريعي على المستوى الإتحادي او الولائي، ويصبح أي قرار من المجالس التشريعية غير قابل للنقض الا اذا اتضح عدم جدواه، لكن ما يحدث بالمجلس التشريعي بولاية الجزيرة يفوق خيال أي مواطن ينتظر ان يأخذ هذا المجلس بحقه، فقبل فترة من الآن أصدر المجلس قراراً يقضي بعدم عقد اية وزارة عقودات مع جهات خارجية أو أفراد الا للأُطر النادرة او الأجانب، حتى لا يتم تجاوز الخبرات داخل الوزارة المعنية، والذي حدث ان وزارة التخطيط العمراني قد تجاوزت قرار المجلس التشريعي بإبرام عقودات مع ستة من الخبرات الذين تجاوزوا سن المعاش القانونية، وبذلك هزمت الوزارة الشخصية الاعتبارية للمجلس الذي يضم داخل قبته أعضاءً لا نقدح في وطنيتهم، لكن رغم تمسك المجلس بقراره الا أنه وفي بادرة غريبة تم تمرير قرار التعاقد والتمديد بضغوط من نافذين في الحزب بتواطؤ مقصود لتمرير مثل هذه الأخطاء الفادحة وتحت قبة المجلس التشريعي الولائي، مما حدا بكثير من النواب الحادبين على المصلحة العامة أن يثوروا ويغضبوا من مثل هذا التصرف الغريب الذي سلب المجلس دوره الرقابي، محنثاً بقسمه الذي اداه لمصلحة المواطن السوداني، والمسألة المستعجلة التي قُدمت لوزير التخطيط كانت حول هذا التعاقد والإصرار عليه مع وجود خبرات داخل وزارته لمصلحة من ولماذا؟ هذا التعاقد ألقى ظلاله السالبة حتى على العاملين بالوزارة، حيث شعروا بالإحباط من هذا التجاوز والتهميش لدورهم وخبرتهم التراكمية وانتقاص حقوقهم، والأمر الغريب والمثير للدهشة ان بعض قياديي الحزب مكثوا بالبرلمان لوقت متأخر في محاولة لتمرير هذا القرار واستخدام الأجاويد كأننا في سوق يبيع ويشتري وليس جهة تشريعية دستورية يُحترم قرارها ولا يُنتقص من قدرها، وبعد ان تم لأُولئك القياديين ما ارادوا وتم تمرير القرار الجائر انهالت الطلبات على وزير التخطيط العمراني.. طلبات التصاديق والأراضي والاستثناءات وهلم جرا، وبعد ان استماتوا لتمرير القرار «بالتحانيس» ارادوا ان يأخذوا حقهم، اليست هذه من عجائب الدنيا؟ أين هيبة المجلس وأين قوته الشرعية التي يستند اليها وهو جاء عبر صناديق الاقتراع ولم يأت بالتعيين ام الخوف من ألا يُعاد انتخاب ذات الأعضاء في الدورة القادمة، الكرسي سادتي دوار ولا يدوم لأحد ولو دام لغيرهم لما وصل اليهم، وهذه أمانة سيُسأل عنها هؤلا يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم، احدهم علق قائلاً: «التحانيس فوق شنو؟!» وبدورنا نسأل التحانيس لماذا وكل ما يحدث لأجل ماذا؟ اتقوا الله في الذين فوضوكم، وعلى كل من أيد تمرير هذا القرار ألا يأتي مرة أخرى كعضو للمجلس بحجة أنه منتخب من المواطنين «ويا حليل المواطنين».
حكاوي – بقايا مداد
أمينة الفضل
[email]aminafadol@gmail.com[/email]