منى سلمان

قياصرة اخر الزمان !!

[JUSTIFY]
من ارشيف حكاوي الزمن الجميل
قياصرة اخر الزمان !!

المتابع والراصد لحركة الصحوة الدينية في العقود الأخيرة يلاحظ ازدياد كمية المؤدين لصلاة الصبح في المساجد بصورة تكاد تتحول لظاهرة، ليس في السودان فقط بل في جميع الدول الاسلامية، تلك الظاهرة التي اثارت قلق وحفيظة الصهيونية، فرفعتها تقاريرهم لمتخذي القرار عندهم بعد ان قيّمتها كـ مؤشر خطير على الصحوة الاسلامية التي ستغير وجه التاريخ العربي ..
حسنا ربما كانت تلك التقارير قبل هوجة اعاصير الربيع العربي ومؤشرا لها، ولكن بالمقابل ربما يسعد الراصد الصهيوني القلق من تلك الصحوة وتقر بلابله، لو قام بعقد مقارنة بين مؤشرات الصحوة وما صحبها من ارتفاع مخيف في مؤشرات الظلم والفساد ..
تعالوا نقارن بين أخلاق جدودنا الرفيعة وعلو همتهم والتزامهم المتعصب بالقيم السمحة، بالرغم من انخفاض مستوى الوعي والالتزام الديني .. مقابل تفشي الغش والتدليس وغياب رقابة الضمير والاخلاق وقلة الأمانة في انجاز التكاليف في عالمنا اليوم، بالرغم من انتشار التعليم والوعي الديني والتمايز الواضح بين الحلال البين والحرام البين ..
أعداد المصليين في المساجد التي في ازدياد صاحبها تنامي ظاهرة أرتياد النساء للمساجد خاصة لاداء صلاة التراويح في رمضان .. كل ذلك الفيض لم يمنع التدني والتدهور الاخلاقي في مجتمعاتنا، فليس من المستغرب أن يغادر تاجر أو بائع أو مسئول المسجد مسرعا حتى يكاد يلبس نعاله (بالقلبه) لعقد صفقة مشبوهة واصابعه ما زالت مشغولة بالتسبيح، بينما لم تغشى قلبه لحظة من مخافة الله في اللقمة الحرام التي يدخلها في أفواه عياله من ارباح تلك الصفقة ..
اخلاقيات سوق اليوم نقابلها بقصة حقيقية حدثت في ماضي جدودنا الناصع، والتي تحكي عن تاجر القماش الذي خرج من دكانه لقضاء حاجة من حوائجه وترك في الدكان ابنه الشاب ليباشر البيع فيه، وعندما عاد التاجر سأل ابنه عن ما باعه خلال غيبته فأخبره الابن بأنه لم يبع شيئا سوى مقطع القماش الباهظ الثمن والذي كان ابيه يضعه اعلى رف جانبي في الدكان .. انزعج التاجر انزعاج شديد وعنّف ابنه على بيعه لمقطع القماش رغم وجوده ضمن البضايع غير المعروضة للبيع، ولكن الابن اعتذر بأن المشتري الح عليه في شرائه ودفع فيه حزمة من النقود.
طلب التاجر من ابنه ان يصف له شكل الرجل الذي اشترى القماش ثم غادر الدكان مسرعا ليبحث عنه، بعد أن اوضح لابنه أن القماش كان معيوبا لذلك كان يضعه جانبا.
سأل التاجر عن الرجل فعرف انه قد جاء للسوق ضمن قافلة تنزل على اطراف السوق، ولكن عندما اسرع لمكان القافلة علم بأنها سافرت .. سافر التاجر الامين خلف القافلة كي يدرك الرجل ويعيد إليه حزمة المال حتى ادرك القافلة على مسيرة يوم وليلة، وهناك سأل عن الرجل حتى اوصله الناس لمكانه، ولكن الرجل ما ان راى التاجر حتى اصابه الرعب وظهر عليه الخوف فطمأنه التاجر، وأخبره بأنه أنما تبعه كل تلك المسافة فقط كي يعيد إليه ماله، لان القماش الذي ابتاعه من الدكان كان معيوبا .. انفجر الرجل بالبكاء وجثى تحت قدمي التاجر وسط دهشة الجميع وقال:
اشهد الله واشهدك على توبتي.
ثم أوضح للتاجر انه كان لصا وأن رزمة النقود التي ابتاع بها القماش كانت مزورة، فكانت أمانة التاجر وسعيه لاستبراء زمته خير حافز للص على التوبة.
أما عن أيامنا الحلوة فنحكي قصة جارة لنا وهي ارملة تقوم على رعاية ايتامها على الكفاف .. شكت لي من قلة حيلتها وهوانها على (السبّاك) بعد تكرر احضارها له لتصليح الماسورة (المحلوجة) .. فقبل أن تمضي اليومين على اصلاحه لها الـ (عدي من وشك) .. تنفجر الماسورة بشلال من الماء المسكوب، فتعاود الارملة المغلوبة على امرها احضار السباك، ويعاود تصليح الماسورة لتنفجر مرة أخرى بعد مغادرته بثلاث أيام .. أخبرتني انها سألته عندما (كتر عليها) عن لماذا لا يتقي الله فيها ويتقن عمله من المرة الأولى دون ان يحوجها لدفع التكاليف التي تقطتعها من قوت الايتام في كل مرة؟ وذكرته بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، ولكن لدهشتها أجابها ضاحكا:
لو حا نصلح بي زمة وتمام لكل زول .. تاني حا نسترزق من وين؟ .. ما لازم تنكسر كل يومين تلاتة عشان تنادينا نصلحا .. أهو نطلع منك بي حق الفطور اقلو!!
ولكن عندما لاحظ ذهولها اعتذر بأنه كان يداعبها فقط وعزا تكرر الاعطاب لـ البضايع والاسبيرات المقلدة أو المغشوشة عدييل وارد بلاد ياجوج !
[/JUSTIFY]

منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]