الصادق الرزيقي

مَنْ يتحمَّل مسؤولية التخبُّط؟!

[JUSTIFY]
مَنْ يتحمَّل مسؤولية التخبُّط؟!

< المشكلة ليست إعادة المرحلة المتوسطة في التعليم العام أو عدمها، لكنها تكمن في الفكرة المدمرة التي أُلغيت بها تلك المرحلة في بدايات عهد الإنقاذ وقادت إلى انهيار التعليم الذي نراه الآن، وهذا التخبط في السياسات دفعنا وسندفع ثمنه باهظاً وستمتد آثاره لأجيال طويلة، بسبب التخريب الذي لحق بالتربية والتعليم من حيث القوالب التعليمية والمناهج الدراسية، وقد دلت كل الدراسات والتحليلات التي جرت على مضامينه على أنه من أكبر الأخطاء التي ارتكبت في حق التعليم في السودان في تاريخه الحديث منذ أن كان دولة. < فمقاصد العملية التعليمية والتربوية تكاد تكون غائبة، ولعل أبلغ دليل على ذلك ما قالته وزير التربية والتعليم عن المناهج في مؤتمرها الصحفي أمس، عن وجود سلبيات كثيرة في تطبيق المناهج التعليمية التي وضعت على عجل في عام 1990م، وأن وزارة التربية والتعليم في سلمها تخالف المعايير الدولية القاضية بأن يمتد التعليم لاثنتي عشرة سنة!! < وهذا الخلل الكبير لا يمكن تلافيه بمجرد الإعلان عن عودة المرحلة المتوسطة من جديد وبالتدرج الذي أعلنته وزيرة التربية والتعليم، فالتعليم العام بحاجة إلى إعادة صياغة كاملة من جديد، من حيث قوالبه ومراحله ومناهجه وفلسفتها والقيم التي تحققها والأهداف التعليمية والتربوية التي تطمح إليها. < أليس من الخطأ والجريرة أن نظل طوال خمسة وعشرين عاماً نمارس هذه الأخطاء دون أن يقوم رجل رشيد ليعيد الأمور إلى جادة الصواب؟ لقد كنا في صحراء التيه تضيع من بين أيدينا قيمنا التعليمية والتربوية وأجيال عديدة تضعف في تكوينها التعليمي في سياقات خاطئة ومناهج لا تُسمن ولا تُغني من جوع. < بغض النظر عن كيفية تطبيق ما أقرته الوزارة أول أمس على لسان السيدة وزيرة التربية والتعليم التي أعلنت عن سنة تاسعة في التعليم العام في مرحلة الأساس تتدرج لتكون مرحلة متوسطة بالنظام القديم «6،3،3»، وبغض النظر عن الكيفية التي ستكون عليها السنة التاسعة وتدابير قيامها والفصل بجدار بين الثماني سنوات مع السنة التاسعة عبر جدار فاصل، بالرغم من أن هذا لن يكون في المدارس الخاصة التي صارت هي مؤسسات التعليم العام إلا قليلاً في الولايات، حيث تناقصت المدارس الحكومية وبات التعليم في نسبته الأكبر مدارس خاصة، بغض النظر عن هذا، فإن أوجب واجبات الوزارة اليوم بعد إقرار عودة المرحلة المتوسطة المكملة للابتدائي والمؤهلة للثانوي العالي، هو النظر في كيفية وضع مناهج تعليمية ذات قيمة عالية في التحصيل المعرفي للتلاميذ والطلاب تتضمن القيم التربوية والدينية والوطنية، وتنمي المهارات وتوسع المدارك وتواكب التطور العصري في مجالاته التقنية والصناعية والعلمية. < ولا يقتصر دور الوزارة في ذلك وحده، فعليها البحث عن المعلمين الأكفاء المؤهلين وإعادة معاهد تدريب المعلمين السابقة بعد أن أثبتت كليات التربية بالجامعات فشلها في تكوين المعلم وترقية مهاراته وإعداده الإعداد الصحيح لهذه المهمة. < وليس بعيداً في هذا الصدد، أن آراءً كثيرة أُثيرت حول تغيير السلم التعليمي في بدايات الإنقاذ بأنه تم دون مراعاة لجوانب واعتبارات كثيرة، ومن أهم تلك الآراء أن جهات أجنبية ذات علاقة بالتعليم وشركات غربية ومراكز دولية قد تكون سربت الكثير من التصورات والأفكار التي قادت إلى ذلك التخبط الذي تم وانهار به التعليم إلى الدرك الذي نعلمه جميعاً. < فعلى الحكومة ممثلةً في وزارة التربية والتعليم وهي تنفذ توصيات مؤتمر قضايا التعليم الأخير، ألا تقف عند هذا الحد، فلا بد من إيجاد آلية لجعل قضايا التعليم تُناقش بكثافة وسط المجتمع وأهل الشأن والاختصاص، لمعالجة الاختلالات والاعتلالات التي أصابت التعليم، فالمجتمع شريك أصيل مع الوزارة في اختيار ما يناسبه، وله دور كبير في نجاح ما يُراد تطبيقه . [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة