الصادق الرزيقي

زيارة كيري .. انفضاض المفاوضات.. صراعات حزب الأمة.. الزوجة الباريسية

[JUSTIFY]
زيارة كيري .. انفضاض المفاوضات.. صراعات حزب الأمة.. الزوجة الباريسية

< وصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قبل يومين إلى المنطقة في زيارة شملت جنوب السودان ضمن جولة إفريقية بدأها من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وذلك للحاق ما يمكن لحاقه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في قضية انهيار الدولة وتحللها في جنوب السودان. < وزار كيري عاصمة دولة جنوب السودان جوبا هي الأولى له، قبيل التئام قمة لهيئة الإيقاد بها اليوم السبت، والتقى يوم الخميس بعدد من وزراء دول الإيقاد، وأعلن عن آراء وأفكار تقدم بها لإنهاء النزاع في دولة الجنوب الوليدة التي خصبت بويضتها وولدت من الرحم الأمريكي الملعون، ومن بين تصوراته لإنهاء الصراع الدائر، إعادة إشراك رياك مشار في السلطة من جديد مع سلفا كير في حكومة انتقالية كما قال في مؤتمره الصحفي بجوبا، وإنه استطاع إقناع سلفا كير بذلك. < التحرك الأمريكي جاء متأخراً جداً، وقطعت الأحداث والحرب وتطوراتها مسافات بعيدة لن تلحقها التطورات الأمريكية، فضلاً عن أن واشنطون نفسها ساهمت في تعقيد هذه الأوضاع بدعمها للتدخل اليوغندي في الصراع وتورط جيش موسفيني فيه، ثم فرضها عقوبات على شخصيات في حكومة الجنوب وفي جبهة المتمردين. < ولا تستطيع واشنطون ولا أية جهة غربية فرض الحلول في هذا الصراع الذي تحول بالفعل إلى صراع قبلي حاد، إلا عن طريق آلية الإيقاد الحالية ودول المنطقة التي تستطيع التواصل مع الطرفين واستنباط حلول بالنظر إلى الواقع الماثل في المنطقة ومعطياته. < ومن الناحية الأخلاقية فإن الحكومات الغربية وخاصة الإدارة الأمريكية تتحمل وزر ما يجري في دولة الجنوب ومناطق صراع أخرى في القارة الإفريقية، وبسبب تعجلها وعدم استيعابها الظروف والبيئة السياسية والاجتماعية في المنطقة سعت إلى فرض أنموذجها وتصوراتها ومشيئتها وجلبت الشرور والصراع على كراسي السلطة والنفوذ والموارد بين التيارات والمجموعات خاصة في جنوب السودان، وجعلت الفوضى وعدم الاستقرار وانتشار السلاح والمجموعات المسلحة والحركات المتمردة على حكومات المنطقة التي تأتمر بأمرها كلها تثقل كاهل الدولة الوليدة التي لم تبلغ الرشد والحلم بعد، فعجلت التجاذبات الداخلية وصراع السلطة والثروة، وبوجود المجموعات المسلحة بهذا الانهيار والاشتعال السريع في جنوب السودان. < ومهما ذرفت الولايات المتحدة الأمريكية الدموع على ما يجري في دولة جنوب السودان وحاولت إدراك ما لا تستطيع إدراكه، فإنها بالتأكيد هي السبب الرئيس في كل ما يجري.. ومعروف أن واشنطون لا يهمها عدد الضحايا ولا المشردين والنازحين ومن هم بلا مأوى.. تهمها مصالحها وإستراتيجاتها في المنطقة التي تعقدت بسبب النزاع الجنوبي الجنوبي. انفضاض جولة < انفض سامر مفاوضات المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا على أن تعاود مرة أخرى في منتصف الشهر الجاري، ومن دون توقيع الاتفاق الإطاري وإن أعلن عن أن اتفاقاً على نقاط كبيرة منه تصل إلى 70% قد تم التفاهم حولها والتوافق عليها، وعاد وفد الحكومة وغادر وفد الحركة الشعبية مقر التفاوض. < لا يمكن معرفة الظروف الموضوعية التي دعت لرفع التفاوض، وكان من الممكن الاستمرار حول موضوعات الاتفاق الإطاري وحسمه والتوقيع عليه إن كان بالفعل قد حدث تقارب في الآراء والمواقف، لأن التجربة دلت على أن وفد الحركة قطاع الشمال تتغير مواقفه بين غمضة عين وانتباهتها، وسيخرج بموقف جديد يناقض ما أعلنت الحكومة أنه قد أنجز في هذه الجولة وسيتواصل في الجولة القادمة. < ولن نفاجأ في الجولة القادمة منتصف الشهر، بأن يطرح وفد الحركة قطاع الشمال، نقاطاً خلافية جديدة ويعود بالأمور كلها إلى المربع الأول، فهذا التطويل الذي يمارسه وفد القطاع وطريقة التساهل التي تنتهجها الآلية الإفريقية رفيعة المستوى في وساطتها ليس في صالح التفاوض ولن يقود لنتيجة إيجابية. حزب الأمة كرة النار والخلافات تتضخم كل يوم داخل حزب الأمة، وتحول موقع الأمين العام للحزب إلى قطعة من جنهم لا يستقر فيه أحد، ولا يستطيع رئيس الحزب التاريخي السيد الصادق المهدي أن يقود حزبه إلى بر الأمان وإنهاء الصراعات الداخلية، فكل مشكلات الحزب ناتجه عن عدم فاعلية رئيس الحزب وآل بيته في التعامل الموضوعي والإيجابي مع المكونات والتوازنات والتفاعلات الداخلية لحزب بات على حافة المصير المجهول.. فتضعضع كيان الأنصار وهزال الحزب واهتراء تماسكه وافتقاره لرؤية تنظيمية تحافظ على ما تبقى منه وتردد السيد الصادق المهدي المعروف وتذبذب مواقف الحزب، كلها عوامل تسهم كل يوم في تحلل وتراجع حزب الأمة القومي وتساعد على موته البطيء. < الأمين العام الذي أُقيل د. إبراهيم الأمين ضرب من ذات المنصة التي ضرب منها أمناء الحزب قبله، وسيستمر ذلك حتى يجسد الحزب حقيقته التاريخية أنه ضيعة خاصة بآل المهدي. الزوجة الباريسية مثلما جلس صاحب الجذور أليكس هيلي إلى مالكوم أكس أحد أبرز قادة المسلمين السود في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وروى قصة حياته في كتاب عظيم، لباولا مكلاين في السيرة الذاتية للروائي الضخم أيرنست هيمنغواي، لتكتب عن دقائق في حياة الكاتب والقاص الكبير، عندما زار باريس في عشرينيات القرن الماضي وتزوج فتاة فرنسية «هايدلي» وعاش معها أيام الجنون والحب والاندفاع الانغماس في المجتمع الباريسي بمقاهيه وصخبه وحياته الأدبية وزوايا الليل المخملي بكل تفاصيله، وباريس يومها تعج بالتناقضات في الحياة من شظفها ومعاناتها للذائذها ومتعها واضطرام النار في الأجساد المتوهجة. وجدت الكاتبة باولا تفاصيل حياة هيمنغواي، لتكتب عليها روايتها «الزوجة الباريسية» لتجمع ما بين الوقائع والخيال في تحفة أدبية رائعة صدرت أخيراً وترجمت خلال الأشهر الفائتة.. وهذا النوع من الكتابات ينسج خيوطاً من شعاعات رقيقة الملمس تنعكس على الحياة وتغوص في أغوار النفس البشرية متخذة من حياة المشاهير مسرباً لها، وهنا تكمن القدرة الإبداعية على صناعة صور ومشاهد ومرائي بأسلوب مدهش وإيقاع سردي مدهش.. وهو سنام الأدب الرفيع. [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة