مقالات متنوعة

حالة الناس في الشمال


صحىَ حاج محمد مبكرا كعادته وتحسس نعليه الباليتين واللتين مضى عليهما اكثر من عامين وهما تقاسمانه الطريق طالع نازل .. بجهد ادخلهما في قدميه ووقف متمطيا ليشد الحيل .. وهذه هي الوحيدة التي بقيت لحاج محمد ان يشد بها حيله لانه بالامس بايت (القوا) بدون عشاء، وذلك بعد ان آثر ترك ما يؤكل للاطفال .. وتحرك قليلا ثم جلس والالم يعتصره عصرا ماذا سيدبر اليوم للصغار .. اتته الحاجة كلتوم بابريق الشاي وصبت وملأت الكوب حتى ازبد وتناوله دون استغراب او استنكار من انه احمر واكثر حمرة من الاحزان التي يحملها .. تجرعه جغمة جغمة ووقف وقال بسم الله وسلك الطريق
وصل الى مزرعته وبدأ يبحث في شيء اخضر عله يستطع ان يطعمه الحاجة المعزة الواحدة والتي انطبقت جنابتها من الجوع حتى يمكن ان توفر له كوب حليب ليضاف اليه جك ماء ويُعمل منه الشاي للصغار او بالمساء تُعطن او تروي به قراصة (مريق) ذرة عسمانة ..(ناشفة)

وقف ناحية الارض وجدها اكتست بلون لم يستطع تحديد ملامحه هل هو بني ؟؟ اخضر ؟ام اصفر؟ لم يعرف المهم اخذ ما قدر عليه واتى بقبضة عشب مخلوطة ورماها للحاجة المعزة ..
وكانت الحاجة انتهت من عمل الفطور (ويكة) بامية ناشفة على الموية بحرف صغير .. ومن ثم توجه اليها بالحديث وقال: البير مليانة موية ،والموتور جاهز والجدول جاهز ،و (ضراعي) جاهز، والسلك ممدود، بس من وين نجيب حق العداد ولا الطبلون .. لا خلونا على مويتنا القديمة ولا ادونا الكهرباء ندوَر,, وان دوَرنا يدوَرونا وان انتجنا قاسمونا ..
والله يا حاجة ماعارف نعمل شنو ..؟
تجيبه الحاجة: وهي تحس بحجم الهموم التي تنتاب الحاج.. الحمد لله ترى التمر قرب باقي كم شهر الله يحييَنا ..
يجيبها الحاج التمر؟؟؟ وهو فيه شيء ؟؟ ولا كمان سمعنا قالوا الولاية جاية تاخد حقها من تحته وناس الزكاة جوا قدروه (دفيق) وهسي تراه اتحت نصه مع الهبوب والمطر..
بعدين بتسلف لي شوالين من حاج احمد واقولهم دا العندي .. ان قِبلوا .قِبلوا وان ما قبلوا ياني المقطعو من قعروا ونشوف لينا بلد تاني ..
انت يا حاج صحي الكلام القالوا دا ؟؟ قالوا شنو ؟؟ قالوا السنة دي الجداد سوا عليه ضريبة كمان ولا زكاة ما بعرف وقالوا الديك عليه جنيهين والجدادة جنيه والسوسيوه 50 قرش ؟؟
يا بت الحلال والله ما بعيد …عارفة انا بفكر اسفر واحد من الاولاد لأخوي أحمد .. الواحد بقي يخاف ناس المحلية باكر يقرروا و يقولوا على كل راس ضكر 10 جنيه ..
مازال الحاج محمد ينتظر ان يجد من يحل له طلاسم هذه الحياة

المثنى