عثمان ميرغني

إجازة جبرية.. للولاة


[JUSTIFY]
إجازة جبرية.. للولاة

حملت الصحف خبر (الإجازة الإجبارية) التي فرضت على والي ولاية سنار السيد أحمد عباس.. وحسب المعلومات المتداولة علناً.. فإن الرئاسة طلبت من والي سنار الاستقالة على نسق ما فعل أسلافه كرم الله وكاشا وأخيراً الزبير.. لكن والي سنار تحصن بحقه الدستوري في التمتع بدورة كاملة طالما أن المجلس التشريعي لم يستخدم سلطته الدستورية في عزله بثلاثة أرباع عضوية المجلس.

والحقيقة.. لا أعلم مدى (دستورية!) إجازة الوالي.. هل من حق المركز أن يرغم والي – أي ولاية – على الذهاب في عطلة قسرية..؟؟

صحيح قد تكون هذه (مخارجة) قانونية لا غبار عليها من زاوية أن البديل هو إعلان حالة الطوارئ، ثم إطاحة الوالي.. لكن ألا يجدر هنا وضع سؤال جوهري حراق: هل يعني هذا أن المؤتمر الوطني يقر ويعترف علناً بأنه أخطأ في اختياره لولاة الولايات؟.. وهو خطأ مركب.. فجميع الولاة ليسوا مجرد مرشحين جاءوا في الانتخابات الأخيرة (أبريل 2010)، بل كانوا أصلاً ولاة بالتعيين أكلموا دورتهم.. ثم أعاد المؤتمر الوطني ترشيحهم للمناصب لدورة جديدة.

ما هي الحكمة في (حكاية!) تغيير الولاة في هذه الأيام؟.. علماً بأن مدتهم الدستورية أصلاً تلفظ أنفاسها الأخيرة.. وماذا يستطيع أن يفعل ولاة بدلاء – جدد في ما تبقى من عمر المباراة..!؟

حسناً من عندي سأفترض ـ بحسن نية ـ بعض الإجابة.. سأفترض أن حملة (التغيير) التي دشنها المؤتمر الوطني بإزاحة أقوى أركان الحرس القديم.. وعلى رأسهم الأستاذ علي عثمان، والدكتور نافع علي نافع، وبقية الأسماء التي ظلت في كابينة القيادة السياسية والتنفيذية منذ فجر الثلاثين من يونيو1989.. وسأفترض أن هذه الحملة مستمرة على مستوى الولايات.. وأن (التغيير) جار إلى آخر قيادي في كل المستويات.. هنا يجدر السؤال:

لماذا لا يشمل (التغيير) السياسات ومنهج الحكم..؟؟

فحتى هذه اللحظة لا يبدو في الذين حلوا محل القدامى أنهم قادرون على (المبادرة) بأي مفهوم جديد.. أو أي منهج تفكير يبدو مختلفاً من الماضي..

صحيح أن الوجوه تغيرت وتتغير باستمرار.. من لم تغيره استقالة، غيره قرار جمهوري.. لكن ما هو الجديد في السياسات ومنهج التفكير الإنقاذي؟.. بكل يقين لا شيء..

لا أحد قادر على المبادرة بفكرة جديدة.. أقصى أماني أي مسؤول أن يفعل ما يرضي القيادة حتى يظل الكرسي (في الحفظ والصون) إلى آخر رمق.

حزب المؤتمر الوطني في حاجة ماسة لإعلان (الحريات) داخل أسواره.. أن يحس أي قيادي فيه بأنه قادر على المبادرة بفكرة جديدة.. مهما كانت صادمة للآخرين، لكنها تظل مجهوداً بشرياً قابلاً للأخذ والرد.. لكن حالة (لسانك حصانك.. إن صنته صانك).. تجعل الحزب مجرد أسطول بشري يتحرك وفق الإشارة..

ماذا تغير في الولايات التي تغير ولاتها؟.. السؤال الإجابة عنه صعبة، لأن الولاة الجدد يدركون أنهم جاءوا بإرادة المركز ورغبته.. وبقاؤهم في الحكم رهن رضاء المركز ورغبته..

هنا تكمن المشكلة.. التي لن يغير الله ما بنا إلى أن نغيرها.. أن نحرر عقولنا وإرادتنا من عقلية (الموظف) المملوك للمركز.
[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]