ادركوا البحر الأحمر!!
< وقعت احتجاجات محدودة أمس في مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، على خلفية محاولة والي الولاية بيع أربع مدارس تاريخية عريقة في وسط المدينة واستثمار أراضيها في مشروعات تجارية وتحقيق عائدات وإيرادات لحكومة الولاية.. وقد اعترضت مجموعات من سكان المدينة موكب الوالي وسدت بعض الطرق وأحرقت إطارات سيارات قديمة في الشوارع وعلا دخان الحريق فوق سماء المدينة، في وقت كانت هناك مسيرة لمؤيدي الوالي تحاول الطواف في قلب بورتسودان وبين الأحياء السكنية.. مع اقتراب موعد مباراة هلال بورتسودان مع فريق شرطة القضارف في منافسات الدوري العام المؤهل للممتاز. < وظلت كرة النار تتكون وتتضخم في ولاية البحر الأحمر منذ فترة طويلة، كما تزايدت الاحتقانات والاحتجاجات المكتومة وسط القيادات وداخل المؤتمر الوطني الذي انقسم على نفسه، وأصدرت مجموعة من أهم قياداته بيانات ومذكرات ضد رئيس الحزب ووالي الولاية محمد طاهر إيلا، بالرغم من الإنجازات الملموسة التي حققها في مدينة بورتسودان، والتي نظر إليها كثير من أهل الولاية على أنها أعمال مظهرية معرضية دعائية، بينما الخدمات ومشروعات التنمية الحقيقية وتسهيل حياة المواطن لم يتحقق فيها شيء، وحصاد الولاية منها صفر كبير. < ولا يخفى على كل ذي عينين، أن المؤتمر الوطني بولاية البحر الأحمر يعاني من خلافات عميقة على كل مستوياته القاعدية والقيادية، ففي السابق خرجت قيادات معروفة مفارقةً بغير رجعة، وجمدت كثير من الرموز والشخصيات الحزبية نشاطاتها، وتصاعدت المواجهات إلى درجة التراشق بالبيانات والمذكرات وحرب التوقيعات المطالبة بإقالة الوالي أو المنادية بالإبقاء عليه. < وترى المجموعات التي تناهض الوالي وتعارضه من داخل الحزب وبعد أن بحَّ صوتها، أن الرجل انفرد بالحكم وطغى وتجبر ولم يعد يستمع لأحد.. ولا لأجهزة الحزب ومؤسساته ولا يستشير، وتمركز القرار كله في يده وهمش المكتب القيادي وشورى الحزب، وجمع حوله بطانةً من غير المؤهلين سياسياً وتنفيذياً يدير بهم شؤون السياسة والحكم والعمل التنفيذي. < ويعاب عليه أن الفتن القبلية التي استعرَّ أوارها في الولاية والانشقاقات التي حدثت وسط القبائل وانفراط عقد ترابطاتها التاريخية، كانت بسبب سياساته وطريقته في إدارة شؤون الولاية، كما يقول غالب خصومه. < ويزعم كثير من أهل الولاية وخاصة عضوية المؤتمر الوطني، أن المركز في الخرطوم يدعم الوالي إيلا دون الاستماع للأصوات الأخرى داخل الحزب وتلمُّس وقياس الرأي عند مواطني البحر الأحمر، ومن أهم الانتقادات التي توجه إليه أنه أهمل الريف وركَّز جهوده في بورتسودان وبعض حواضر الولاية. < وكرة النار التي بدأت تتدحرج في البحر الأحمر لن تتوقف دون أن تتم معالجة القضايا بالولاية وحسمها وقطع دابر الخلاف داخل المؤتمر الوطني بالبحر الأحمر، فحالة حادة من الاستقطاب تجري دون توقف، وحلفاء الأمس داخل الحزب صاروا أعداء اليوم، والضرب تحت الحزام قد بدأ بالفعل كما هو واضح من المذكرات والبيانات الصادرة عن الطرفين، فإذا لم تتدارك قيادة الدولة والحزب الحاكم هذه الأمور فإن الخلافات الداخلية بالمؤتمر الوطني والمشكلات في الولاية التي ظهرت بوادرها أمس والاحتقان الموجود، تنذر بكارثة قادمة، وقد بات التغيير مطلوباً اليوم أكثر من ذي قبل. < وليست البحر الأحمر وحدها، فولايات كثيرة كانت تنتظر التغيير وإقالة الولاة مثل غيرهم، لعجزهم عن تجسيد قيم الحكم الرشيد وتمثيل القدوة الحسنة لمواطنيهم، وفشلهم في تحقيق تطلعات المواطنين في التنمية والخدمات وقيادة ولاياتهم إلى شاطئ الأمان والاستقرار . [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة