تحقيقات وتقارير

لام أكـول يلـوِّح بقميص عثمان

لجأ د. لام اكول اجوين رئيس الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي المنشقة عن الحركة الشعبية لتحرير السودان، لجأ في سياق هجومه الكاسح على الحركة الشعبية الى الراحل المؤسس د. جون قرنق، عندما ذكر في المؤتمر العام لحزبه الذي اكمل اجراءات تسجيله وحاز على شهادة ممارسة العمل السياسي امس، عندما ذكر ان القيادة الجديدة التي خلفت الراحل القائد د جون قرنق لم تكن على قدر مستوى التحديات التي تواجهها، واصفا اياها بأنها قد القت الحبل على الغارب، وسيطرت على الحركة فئة انهكتها في صراعات داخلية لا مبرر لها. ويحاول د. لام تصوير خروجه على الحركة الشعبية باسلوب شيق ورشيق وجذاب، انه نتاج هذا الفشل الذي واجه الحركة وقيادتها عقب وفاة القائد د. جون قرنق، وان تداعيات ذلك وفشل محاولات الاصلاح التي قادها هي التي حسمت مسألة خروجه على الحركة الشعبية، وذلك عندما قال «لقد حاولت وغيري من الرفاق تصحيح اخطاء هذه الزمرة التي سيطرت عليها ـ الحركة الشعبية ـ ولكنها لم تستمع الى النصح لأنها فاقدة للوعي السياسي والثقافي وأسيرة لمصالحها الخاصة».. مرثية حزينة برع لام اكول في بثها في اذان عضوية حزبه والحشد الذي جاء مناصرا له، ومن موقف التمجيد للقائد جون قرنق كان لام اكول يمارس الهجوم على الحركة الشعبية معيدا نفس المشهد ونفس العبارات التي رددها في المؤتمر الصحفي الشهيرالذي عقده عقب انشقاقه من الحركة الشعبية لتحرير السودان وتأسيس حزبه الجديد.. ففي ذلك المؤتمر تلا الرجل بيانا غاضبا وقاسيا على تنظيمه السابق، ومن دلائل غضب لام أكول ان الرجل وبدلا من ان ينفق معظم وقت مؤتمره الصحفي ذاك للتعريف بحزبه الجديد وخطه السياسي، بدلا من ذلك لاحظ معظم الحضور للمؤتمر الصحفي، ان القيادي الجنوبي البارز عاش لحظات هجوم ودفاع، هجوم على تنظيمه السابق الحركة الشعبية لتحرير السودان الذي يعتبر الرجل من مؤسسيها وصناع مجدها، ودفاع عن مواقفه داخل تنظيمه السابق، ولم ينس الرجل ان يكيل الانتقادات والاتهامات للتنظيم الذي خرج منه.
وكان اول ميدان من قبل لام اكول لادارة المعركة فيه وتصفية حساباته، هو سياسة تنظيمه السابق في الجنوب، ومواقف قيادات الحركة في الجنوب عندما وصف قيادات الحركة بسوء الادارة في ما يتعلق بادارة جنوب البلاد، واتهمهم كذلك بفقدان البوصلة السياسية، الامر الذي كانت نتيجته المباشرة انفضاض جماهير الجنوب عن الحركة الشعبية، بل ان لام اكول حذر آنذاك غير البعيد بنشر غسيل قيادات في الحركة معتمدا في ذلك على وجوده السابق في قيادة الحركة ومعرفته ببواطن الامور فيها، فكان ان حذرهم مهددا بنشر اسرار تتعلق بعلاقات الحركة الشعبية مع جهات بالخارج. وإن كان لام اكول لم يسم تلك الجهات الا انه وصف علاقة الحركة بها بالمشبوهة، وراح لام اكول ينقض بقوة على الاداء السياسي للحركة الشعبية واصفاً الحركة بأنها غير قادرة على حشد الجماهير، مع انغلاق الحزب على نفسه من خلال الصراعات الداخلية، وممارسة سياسات الإقصاء باستهداف قيادات في قمة الحزب، متهما الحركة بأنها لا تتمتع بعمل تنظيمي وفكري داخل أروقة الحزب. وقال إن هنالك دلائل واضحة تؤكد سيطرة فئة معينة من الحركة واستغلال اتفاقية السلام الشامل لتغيير النظام في السودان، مشيراً إلى أن الاتفاقية هي الأساس للنظام الدستوري الحالي في السودان، وأنها منحت الشعب في الجنوب حق تقرير المصير. وحملت عبارة لام اكول الغاضبة تحذيرا مبطنا لرفاقه القدامى في حال اعتراض عمل حزبه الوليد خاصة في جنوب السودان، وذلك عندما شدّد على ممارسة عملهم السياسي تحت كل الظروف بجنوب السودان، مؤكداً أنه لا تستطيع أية جهة أن تمنعهم من ذلك الحق مهما كانت. وفي المؤتمر العام امس يبدو ان الرجل لم يفعل اكثر من كونه اعاد نفس العبارات التي رددها ونفس الجمل، وخصص كذلك جل الوقت للهجوم على الحركة الشعبية، كما حاول لام اكول في مؤتمره الصحفي السابق قبل اشهر وفي مؤتمره العام امس، أن يجعل من حزبه الوليد بديلا للحركة الشعبية في الجنوب والشمال، وذلك عندما قال إن ميلاد الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي أتى لإنقاذ الحركة الشعبية من الانهيار تحت القيادة الحالية بعد أن فقدت التأييد وفشلت في أن تقدم سياسة متماسكة في الحكومة، سواء أكان ذلك على مستوى الجنوب أو على المستوى القومي. ولئن كان لام اكول قد قدم في مؤتمره الصحفي ذاك حزبه بديلا للحركة الشعبية لتحرير السودان، فإن لام اكول جاء الى المؤتمر الصحفي امس ليقدم نفسه كامتداد للقائد د. جون قرنق، وذلك بعد أن ارجع الخلل القيادي الذي تحدث عنه في الحركة الى رحيل جون قرنق والقيادة التي اعقبت قرنق، وذلك عندما انتقدها امس وقال إن القيادة الجديدة التي خلفت الراحل القائد د. جون قرنق لم تكن على قدر مستوى التحديات، وبالتالي فإن القيادة التي هي بقدر التحدي بحسب لام اكول هي لام اكول نفسه، وذلك عندما قال: «لقد حاولت وغيري من الرفاق تصحيح اخطاء هذه الزمرة التي سيطرت عليها ـ الحركة الشعبية ـ ولكنها لم تستمع الى النصح لأنها فاقدة للوعي السياسي والثقافي وأسيرة لمصالحها الخاصة»، غير أن لام اكول نفسه الذي ارجع الضعف القيادي وبالتالي خروجه عن الحركة الشعبية لتحرير السودان في خطوة يرى كثيرون ان وراءها المؤتمر الوطني، هو نفسه لام اكول الذي خرج على د. جون قرنق في عام 1991م، ومن ثم قدومه الى الخرطوم مصالحا النظام، فهناك تحديات كبرى امام لام اكول ربما يبرع الرجل في التعامل معها، فالرجل عرف عن تحديه للصعاب.
علاء الدين محمود :الصحافة