عثمان ميرغني

ندوة الحزب الشيوعي الثانية

[JUSTIFY]
ندوة الحزب الشيوعي الثانية

هذه المرة اختار الحزب الشيوعي أن يذهب إلى ميدان الرابطة في حي شمبات العريق.. الحضور جيد.. يبدو أن التطوارت الأخيرة في المشهد السياسي منحت الجمهور الإحساس بأن هناك جديدا يستحق المتابعة.. لكنه أقل قليلاً عن الندوة السابقة في ميدان الأهلية بحي الملازمين في أمدرمان..

حضرت متأخراً بعض الشيء ففاتني متحدثان.. لكنني أدركت خطاب الأستاذ فاروق أبو عيسى رئيس قوى الإجماع الوطني..

لفتت نظري (أزمة متحدثين) واضحة جداً.. فالأسماء التي تصعد المنصة تكاد تتكرر ليس في الشخوص فحسب، بل حتى في الموضوع.. هناك أزمة قيادة (مزمنة) ويبدو أن أحزاب المعارضة تكابد مشكلة في الكادر البشري بصورة قد تقعدها عن أداء دور سياسي مؤثر..

خلاصة ما أكده المتحدثون إصرارهم على مبدأ (الحل.. في الحل).. إطاحة النظام السائد الآن وإبداله بـ(البديل الديموقراطي).. وإحساس المتحدثين بالرضاء عما آلِ إليه حال (الحوار الوطني) الذي وصفه فاروق أبو عيسى بأنه (مات إكلينيكياً) ولم يتبق إلا إعلان الوفاة الرسمية وتشييعه إلى مثواه الأخير.. إلى (مزبلة التاريخ) على حد وصفه..

فاروق أبو عيسى وجه دعوة مبكرة – للسيد الإمام الصادق المخطئ المسجون حالياً في زنزانة بسجن كوبر.. دعوة للعودة إلى حظيرة التحالف لإسقاط الحكم.. بعد أن عرف كيف كافأه حزب المؤتمر الوطني على حماسه للحوار..

اعتبر فاروق أبو عيسى ما حدث للصادق المهدي (ضربا بالشلوت).. وهي عبارة (شعبية) تعني أن الضربة غير مؤذية للبدن لكنها بالضرورة تحدد مدى الاحتقار والإهانة المطلوب توجيهها..

لا تزال العلة في خطاب المعارضة قائمة.. علة غياب الفهم السليم لأهداف مثل هذه الليالي السياسية.. فالجمهور الصابر على جلسة في الهواء الطلق.. أو الذين لا يجدون مقاعد فيتكبدون رهق الوقوف على أرجلهم لساعات لم يأتوا ليسمعوا التحليل السياسي الذي يشخص الوضع الراهن.. فالشارع السوداني ما باتت تنقصه المعلومات أو الفهم أو التفسير لما يجري أمامه.. لكنه ينظر في الأفق ليرى شمعة (الحل) في آخر النفق.. الشمعة التي لم يستطع حزب حتى الآن إشعالها..

المشهد السياسي العام (بعد التطورات الأخيرة) يبدو كما لو أن المؤتمر الوطني ازداد يقينه بأن المعارضة ما ظهر منها وما بطن.. لن تشكل تهديداً على الأقل لعدة سنوات قادمة.. لكن أخطر ما في هذا الوضع أنه يبث في الشعب إحساس اليأس من تكافؤ المصالح.. مصالحه في مقابل مصالح الحزب الحاكم.. فتنشأ حالة الغضب الذاتي الكاسحة التي تجعل الخيار بين اثنين لا ثالث لهما.. الموت يأساً أو اليأس موتاً.. حالة انحسار وانقشاع كامل لأي حسابات ربح أو خسارة..

وهي أخطر ما قد يحدث.. لأنها حالة أقرب إلى الانتحار..

[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]