لقاء ألمانيا.. الحوار الضرار!!
< في فبراير الماضي ظهرت فكرة تجميع مكونات الحياة السياسية السودانية المعارضة والمجموعات المسلحة في ألمانيا، على غرار المنابر الأخرى التي تنشأ لتناول الحالة السياسية في بلدنا، ثم سرب خبر بأن الدعوة الألمانية وجهت أيضاً للمؤتمر الوطني باعتباره الحزب الحاكم وبيده مقاليد الأمور، واعتذر في وقتها المؤتمر الوطني ونفى أن يكون هناك أي اتفاق على المشاركة في اللقاء المزمع تنظيمه في ألمانيا، وكان وفد في تلك الأثناء يستعد للسفر إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لبدء جولة تفاوضية مع الحركة الشعبية قطاع الشمال بعد توقف دام لأشهر طويلة. < واليوم يتجدد الحديث عن لقاء في ألمانيا، دعت له ما تسمى الجبهة الثورية التي تضم الحركة الشعبية قطاع الشمال وطيف الحركات المتمردة في دارفور، وقدمت قيادات الجبهة الثورية الدعوة لأحزاب تحالف المعارضة السودانية «قوى الإجماع الوطني» للضغط على المؤتمر الوطني والحكومة للقبول باشتراطات المعارضة حول الحوار الوطني الشامل وإيقاف الحرب. < ويهدف اللقاء في الأساس إلى تطوير ميثاق الفجر الجديد الذي أُقرَّ في العاصمة اليوغندية كمبالا 2012م ومقاربته وتوحيده مع مشروع البديل الديمقراطي الذي أعدته من قبل قوى الإجماع عام 2013م بغرض إسقاط النظام أو عزل المؤتمر الوطني الحاكم. < أما وقد انقطع رجاء التحالف المعارض والجبهة الثورية في التسريع بإسقاط النظام، بعد انفتاح النظام سياسياً على مخالفيه والقوى السياسية والحزبية بمشروع الحوار الوطني الجاري بالداخل، واندحار قوات الجبهة الثورية في ميادين القتال في جنوب كردفان، وباتت القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى على مشارف كاودا، وارتفاع العويل والصراخ من قطاع الشمال الذي تفر قواته في أكثر من خمسة وأربعين موقعاً بجنوب كردفان كما قال والي الولاية، فإن الدعوة العاجلة للقاء ألمانيا ومحاولة الاستنصار بالقوى الدولية من ناحية والقوى الداخلية المعارضة، لن تفيد شيئاً ولن تغير حقيقة أن القضية السودانية لن تنتقل إلى الخارج ويُصنع لها منبر أوروبي معلوم الهدف والأجندة، فهنا في الداخل منبر للحوار الوطني بدأ بالفعل وأُعطيت كل الضمانات من رئيس الجمهورية لمن يحمل السلاح للمشاركة فيه. < إذا كانت قوى الإجماع الوطني وأحزاب تحالف المعارضة، لا تريد المشاركة في حوار الداخل، فإن مشاركتها في حوارات الخارج المشبوهة تضعها في خانة الاتهام المباشر بالتنسيق مع المتمردين والتآمر على أمن وسلامة البلاد، فأصحاب الدعوة حفنة من المجموعات المسلحة المنهزمة الهاربة وتقف وراءهم قوى دولية تريد المزيد من تأجيج النيران في البلاد وتسعى لتخريب وتدمير بلادنا، فما الأجدى إن كانوا حريصين على الاستقرار والسلام، الحوار الداخلي بكل ضماناته أم التمرغ في أحضان الأجنبي من أجل خدمة أهداف لا تمت إلى المصلحة الوطنية بصلة؟ < ودلت التجربة على أن مثل هذه اللقاءات من غير ذات الطائل، لن تسهم على الإطلاق في حل قضايا السودان الشائكة بل تزيدها تعقيداً وتجعل كثيراً من الأيدي والمخالب المسمومة تلغ في الشأن الداخلي وتفاقم أزماتنا. < فالذي يقف وراء هذه الدعوة واللقاء ويمول حضور المشاركين فيها، لديه مصلحة في إطالة أمد الحروب والاقتتال في السودان ويعمل على تمزيقه وتركيعه وإخضاعه، لأن الهدف ليس السلام ولا وقف الحرب ولا البحث عن حوار خلاَّق وبنَّاء بين السودانيين، فكل ما تبحث عنه الجهة التي ترتب للقاء هو تنسيق العمل العسكري مع العمل الحزبي المعارض في الداخل وإثارة البلبلة والاضطرابات الداخلية، لعل ذلك يساعد في سقوط النظام. < الحكومة مطالبة اليوم قبل الغد، بتفويت مثل هذه الفرص أمام المعارضين، بالمضي بجدٍ وعزمٍ في تحقيق أهداف الحوار الوطني وتذليل كل الصِّعاب التي تعترض قطار التوافق الوطني، والتصالح مع القوى الاجتماعية والسياسية، وألا تنسى التعامل بحسم مع أية دعوة للعمل المسلح أو التنسيق مع المتمردين، ووأد الأفكار الطائشة المدمرة في مهدها . [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة