أضاعوا الأمانة
في جلسة المجلس الوطني (البرلمان) التي حضرناها من داخل القاعة الرئيسة أثارت دهشتي عبارة وردت على لسان رئيس البرلمان الدكتور الفاتح عز الدين.. في مفتتح الجلسة قال إن الحضور اليوم كبير.. وبصراحة قمت بإحصاء الحضور بسرعة وكان عدد النواب أكثر من أربعين بقليل.. بل ومن باب التوثيق التقطت صوراً لكل الحضور.. وحتى هؤلاء الأربعين كانوا ممن دخل بصعوبة وببطء بعد أن استمر الحاجب يضرب الجرس لفترة طويلة.. فعند دخولنا مع بداية الجرس لم يكن في القاعة غيرنا..
أين النواب؟؟ بكل يقين أنا لا ألومهم أو أعتب عليهم.. فهم يعلمون علم اليقين أن حضورهم مثل غيابهم لا يضر من أتى بهم إلى البرلمان.. فالأغلبية الميكانيكية الكاسحة.. تسمح لحزبهم أن يتسيد الموقف بلا حاجة للنواب.. فلربما ذهبوا يستفيدون من وقتهم المهدر في منافع أخرى..
لكن الغياب كوم.. وكوم آخر الحضور..
ما إن انتهى والي شمال كردفان من إلقاء مرافعته أمام النواب.. ثم فتح باب المداخلات.. حتى بان وجه آخر للبرلمان.. أفضل منه الغياب.. فعلى أقل تقدير من غاب تفضل بصمته على زملائه لكن من حضر يطيح النصف الآخر.. نصف الكوب (المليان)..
مداخلات النواب أشبه بحصة (الإنشاء الشفهي) في مدارسنا القديمة.. بلاغة في بلاغة خالية من المحتوى الموضوعي.. صحيح أعذر بعض السادة والسيدات الذين تحدثوا من باب مناصرة والي كردفان ببضع كليمات.. لكن إذا كان هذا هو حال النواب ومداخلاتهم فيا حسرة على القوانين والدور الرقابي الذي يفترض أن تلعبه السلطة التشريعية في بلادنا..
ولفت نظري أن غالبية الفرص التي تفضل بها رئيس البرلمان كانت مع سبق الإصرار والترصد للأسماء المعروفة.. أما النواب المغمورون الذين ربما ليسوا من أصحاب الأسماء التي تحتفي بها الصفحات الأولى في الصحف فهم يقفون على أرجلهم وينادون بصوت عال طالبين فرصة الحديث بلا طائل..
خلاصة ما خرجت به من تلك الجلسة أن برلمان الاتجاه الواحد.. هو جزء لا يتجزأ. من كوارث هذا الوطن.
وإنها لأمانة.. ويوم القيامة خزى وندامة..
[/JUSTIFY]حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]