الصادق الرزيقي

مأزق الحوار!!

[JUSTIFY]
مأزق الحوار!!

< قد لا يختلف الناس كثيراً حول توجهات الحكومة نحو الحوار، وصدق دعوة السيد الرئيس في خطابيه في نهاية يناير وفي السادس من أبريل الماضيين إلى ابتدار حوار يفضي لتوافق وطني بين كل الفرقاء في الساحة السياسية، وصدرت بعدها قرارات وتم اتخاذ إجراءات لتعزيز هذه الدعوة وصلت إلى حد إعطاء الضمانات للحركات المتمردة ومن يرفع السلاح ضد الدولة لتمكينهم من المشاركة في الهم الوطني. < وحدث بالفعل انفراج كبير في العلاقات الحزبية والسياسية بالداخل، وكادت صورة البلاد في الخارج تتحسن على ضوء ردود الأفعال والمواقف الخارجية التي أشادت بهذه الخطوات واعتماد الحوار وسيلة وحيدة لحل الخلافات بين أبناء البلد الواحد. < لكن سرعان ما تبددت الآمال في قيام الحوار ونجاحه بفعل أخطاء من أطرافه بما فيها الحكومة، وكأن هناك جهة ما تريد بالفعل أن يتوقف القطار في مكان وينصرف الركاب بعد يأس كل في حال سبيله.. ولا حوار ولا يحزنون!! < ففي لمح البصر تحول الصادق المهدي من شبه حليف وأنيس للسلطة الحاكمة إلى متجاوز للقانون ويتم حبسه بجريرة لسانه دون أن تتدخل الحكمة السياسية، ليس لإطلاق سراحه ولكن لإنقاذ الحوار الوطني من فقدان أحد أعمدته وأركانه!! < ثم تلاه تعليق حركة الإصلاح الآن بقيادة د. غازي صلاح الدين مشاركتها في الحوار، ملقيةً اللوم على المؤتمر الوطني وحكومته في تعويقه وعدم الرغبة فيه، واتخذت الحركة ما سمته المناخ السيئ للحريات العامة والتراجعات التي تمت فيها، ذريعةً للنكوص والتراجع عن تأييدها السابق للحوار والآفاق التي فُتحت من أجل نجاحه. < وذات الشيء فعلته بعض أحزاب المعارضة في مناداتها بمقاطعة الحوار، مع تذمرها من تصريحات لقيادت في المؤتمر الوطني حول موعد فتح السجل الانتخابي للتسجيل، وأن الانتخابات القادمة قائمة في مواعيدها مطلع العام المقبل، واعتبرت ذلك مناقضاً للحوار الوطني الذي يجب أن يتناول عملية الانتخابات وكيفية الاستعداد لها ووضع قانونها والاتفاق على الدستور قبل إجرائها!! < وزاد من الحيرة أيضاً حول مصير الحوار الوطني أن الحريات الصحفية بدأت تضمر وتنكمش مساحتها، كما بدت الحريات السياسية ضامرة الحشا أيضاً، وهناك خبط عشواء في تعامل الحكومة مع بعض القضايا الصغيرة، فهي ــ أي الحكومة ــ تجعل «من الحبة قبة» وتترك الأوضاع تتضخم وتنتفخ لتكون حيثية سياسية لا يمكن إغفالها. < فبالأمس تم اعتقال إبراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني وهو من معارضي السلطة، ولديه حزب صغير لا يُرى بالعين المجردة، مجرد تكوين في وزن الذبابة يعتمد رجل فرد هو رئيسه، ولا يعدو أن يكون ظاهرة صوتية يضيع صداها في أودية القحط السياسي، يعتقل مثل هذا الرجل في مدينة النهود في نشاط حزبي لا يؤبه له، فكيف للحكومة أن تصنع منه بطلاً بهذا الاعتقال؟ ولا شيء يؤهله للبطولة!! < مثل هذه الأحداث الصغيرة تحتاج إلى تقديرات سياسية سليمة، فما هو الوزن السياسي وما التهديد الذي يمثله رئيس المؤتمر السوداني، وكم من الناس يعرفه وما مدى تأثيره في الجماهير؟ فحزبه لا وجود له إلا في الصحف والمواقع الإلكترونية، وبعض مؤيديه لا يوجدون إلا في موطنه الأصلي، وهناك بعض المنتفعين منه، ولا صوت له في نعيق الندوات السياسية لتحالف المعارضة بالخرطوم التي لم يتعد عدد حضورها حتى اللحظة المئات؟! < تجيد الحكومة صناعة خصومها مثلما تجيد حياكة عباءات أزماتها، وعلى نفسها تجني براقش، فإن تراجع الحوار الوطني اليوم ولم يبق له مؤيد سوى المؤتمر الوطني والشعبي، فمن يتحمَّل مسؤولية ذلك هو الحكومة التي تخطئ كثيراً في تقديراتها ولا تأتي في موعدها مع شعبها الطامح إلى الإصلاح والتغيير والحرية. [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة