أمينة الفضل

دون استئذان


دون استئذان
[JUSTIFY] دوماً ودون استئذان يلج الموت بخطوات سارق حافي القدمين متسللاً ليخطف شخصاً عزيزاً ويغادر دون أن يمنحنا فضيلة النظر لآخر مرة لمن يغادر، ويبقى لنا البكاء معتملاً في الصدور ودموع لا تفارق المآقي، وتتجدد الأحزان أهكذا هو الموت قاسي القلب لا يعطينا الفرصة الأخيرة ودوماً نحن نلهث لأجل الفرصة الأخيرة، عزيز غاب كنا نود أن نحادثه ونسامره ونعتذر عن مشاحنات جرت بيننا ويكون الوعد، لن أفعل ما يغضبه مرة اخرى ونبدأ صفحة بيضاء كقلب الوليد فيتسلل الموت ضاحكاً من سذاجتي بألا فرصة أخيرة، صديقة لا تكف عن المزاح والضحك قلبها مثل الحليب لا تحمل للناس سوى الحب تنظر إليها فتعرف أن الحياة حبتها ما لا يقدر بثمن تلك الطيبة ومحاولة ألا تجهد نفسها في اللهاث خلف دنيا مليئة بالوحوش، تغفر لكل من خاصمها وآذاها مرددة ليس لنا في الدنيا سوى العمل الطيب، تذهب في رحلة وبعد أن تلاطف الجميع تنسرب كنسمة خفيفة في ليلة صيف ساخنة الهواء فيشهق الجميع كيف خطفها الموت بهذه السرعة بل بهذه الجرأة، ويظل يضحك علينا من بعيد فاغراً فاه استعداداً لالتهام ضحية جديدة، هو الموت إذن الموت الذي حمل معه خمساً من البنات من قبل أن يتقدم بهن العمر وقبل أن يتذوقن حلاوة الحياة فإذا به يداهمهن بالدور وكأنه كان على موعد لا يخلفه معهن أخذهن ومضى تاركاً ما هو أقوى من الألم وأقسى من حشرجات الصدر ساعة خروج آهة حرى لفراق ليس له من تلاقٍ مرة أخرى، وبقيت الأم صابرة صامدة تنظر للموت في تحدٍ غريب أهناك أحد آخر تريده، هل تجد متعة في قهرنا لكني يا موت لن أُقهر لك سأصمد ممسكة بحبل الصبر وجنة وعدنيها ربي فيا مرحى بالموت المنتظر، وأحكمت الاستعداد له لكنه يخلف موعده حتى ضاق صبرها وهزمها المرض لم تمت لكن بُترت قدمها فسبقتها نظر إليها الموت من خلف النافذة متسائلاً أيعجبك هذا الفقد الجزئي ضحكت منه وقالت الآن أنا أكثر استعداداً لك فمرحباً بك، داخلها فرح غريب واستحال وجهها أبيض مثل الحليب وصبغه جمال زاد من جماله ورونقه حتى خُيل لمن يراها إنها الآن ستفارق، سنوات وهي تلعب مع الموت لعبة القط والفأر حتى سئم الموت رافضاً إزهاق روحها وهي تنتظر هو لا يريد استعداداً كهذا هو يريد غفلة يريد سرقة ينهب الروح ويتسلل ليلاً كما اللص لكنها أتعبته حتى أُرهق، تبسمت في سرها قائلة الآن فقط أذهب بسلام لملاقاة بناتي واستعداداً أمرته بأخذ روحها لأول مرة أجد الموت خائفاً من أخذ روح لكنه أخذها وغادر تاركاً حزناً لا ينطوي ذهبت الشريفة زينب بنت الشريف مصطفى الطاهر بعد خمس من البنات وولدين أراد الموت قهرها فقهرته صبراً حتى لحقت بمن سبقوها، يرحمك الله جدتي زينب.
[/JUSTIFY]

حكاوي – بقايا مداد
أمينة الفضل
[email]aminafadol@gmail.com[/email]