الصادق الرزيقي

اعتذار الإمام ومغالطات أخرى

[JUSTIFY]
اعتذار الإمام ومغالطات أخرى

< أطلق سراح السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة وإمام الأنصار وطوي ملف إهانته لقوات الدعم السريع، واكتفت الحكومة والقوات النظامية باعتذار مكتوب من حزب الأمة القومي ورد في بيان مهره بتوقيعه علي قيلوب رئيس الهيئة المركزية للحزب، وانتهت قضية شغلت الرأي العام كثيراً وأقامت الدنيا ولم يقعدها إلا تراجع حزب الأمة واعتذاره عن تصريحات زعيمه، ومحا الاعتذار آلاف الكلمات وعشرات التصريحات التي ملأت الفضاء وسودت صفحات الصحف ورزماً من الأوراق والتحريات والتحقيقات والوثائق القانونية، كما كشطت بضربة لازب الصورة التي تكونت لدى الرأي العام عن المحاكمة للسيد الصادق بعد أن قررت النيابة قبل أسبوع تحويله للمحكمة المختصة. < ونحن هنا لسنا مع استمرار حبس المهدي، فإطلاق سراحه مهما كان يساعد في معالجة كثير من القضايا الوطنية، لكن مسلك الحكومة في نهاية الأمر وطريقة معالجة القضية برمتها، لم يكن صحيحاً من الناحية السياسية، لا طريقة توقيف الرجل واتهامه ولا الطريقة التي أطلق بها سراحه!! < ما يعاب على الحكومة أن الذي تم في قضية المهدي برغم صوابية إطلاق سراح الرجل، فهناك ما يطعن في جدية الحكومة وفي منهجها لمعالجة هذه القضايا المعقدة، لا تنتظر أو تتحرج أو تنتبه الحكومة إلى أنها تبدأ من أعلى سقف عندها وتتخذ إجراءات متشددة، وتمضي إلى آخر الشوط وهي باطشة، وتنشط السلطات المعنية سواء أكانت أمنية أو قانونية بواجبها دون كلل أو تقاعس، وتتوالى التبريرات حول قانونية وصحة الإجراء المتخذ، ويكثف القول بأننا دولة قانون ولا صلة للسلطة السياسية بقضية توقيف المهدي أو أية قضية أخرى، وستظل في إطارها القانوني لا مجال لتسويتها وإبرام صفقة سياسية أو تقديم تنازلات. < فالحكومة لم تحسن التقدير في هذه القضية منذ البداية، فإذا كانت النتيجة هي التي نراها، بعد تمخض الإجراءات لتنتهي في لمح البصر باعتذار باهت، فما الداعي أصلاً لتصعيد الأمور واعتقال الرجل وإلهاء الناس بقضية كان متوقعاً منذ البداية أنها لن تصل إلى نهايتها ويفصل فيها القضاء، ولن تتحرك في أي اتجاه قانوني، ولن تمضي السلطات نحو ما عزمت عليه لحظة توقيف وحبس السيد الإمام!! < فالخاسر في هذه الملهاة هو الحكومة التي تفقد كل يوم مصداقيتها الوظيفية كسلطة تطبق القانون وتحترمه، فهي تبدو للناس ضعيفة وخائرة لا تقوى على شيء، وترضخ لأية ضغوط مهما كانت صغيرة .. فواضح أن هناك تسوية سياسية قد تمت، وما أعلن هو تخريج قرار إطلاق سراح السيد الإمام، فالقرار الأول والأخير قرار ذو ملمح سياسي لكنه سار في مسار التخريج القانون على هدى المثل الدارفوري الشهير «الشوكة بسلوها بدربها».. ثم أن الحكومة اكتفت ورضيت باعتذار السيد علي قيلوب ولم يعتذر صراحةً السيد الصادق المهدي، فهذا يعني أن صاحب الجريرة الجنائية وهو شخص لم يعتذر، إنما تم الاعتذار عن طريق جهة حزبية داخل الكيان السياسي، وهنا خلط بين أمرين، فالصادق لم توجه له الاتهامات القانونية بصفته الاعتبارية ممثلاً لحزب، إنما بوصفه فرداً اتهم بجريرة أوقعه فيها لسانه وتصريحاته، واتهاماته لقوات الدعم السريع لم ترد في بيان رسمي لحزب الأمة أو في وثيقة صادرة عن المكتب السياسي أو الهيئة المركزية، فلا شأن للحزب بالتهمة والإجراء القانوني الذي تم، فالاعتذار مطلوب إذن منه بوصفه شخصاً وليس من حزبه، فقبول الحكومة الاعتذار بهذه الكيفية يعني أن تسوية سياسية أُبرمت، الأمر الذي يعني أن الحكومة تريد إغلاق الملف بأية كيفية وبأي ثمن ولو كان بخساً. < فإذا كان الاعتذار مدعاةً لإطلاق سراح الرجل وشطب البلاغ ضده، فمن الأوفق والأجدى والمقبول والمعقول، أن يكون الاعتذار صادراً عن الصادق المهدي مباشرة وبالأصالة وليس بإنابة الحزب. < مثل هذه الأشياء بغض النظر عن تبريراتها وتقديراتها، مضرة بصورة الدولة وبالقانون، ولذا فإن منهج الحكومة والسلطات المعنية كان يجب أن يتحلى بقدر وافر من احترام القانون نفسه، وليت السيد الصادق نفسه رضي بتقديمه للمحاكمة بدلاً من أن يخرج كأنه بطل بالتماس واعتذار حزبي، فكلا الموقفين لا شجاعة فيه ولا مبدأ!! [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة