مقالات متنوعة
الإنقاذ.. بين الالتزام والإلزام
ولئن كانت الإنقاذ قد ظلمتنا.. فإنا أيضاً قد ظلمنا أنفسنا.. وذلك بالإغضاء والسكوت على ما تفعله بنا الإنقاذ.. وإن كان ذلك منا تصبراً وتجملاً وإحساناً للظن برجال كنا نعدهم من الأخيار. لقد ظل السودان وديعة لدى الإنقاذ لربع قرن من الزمان.. وبعد المعاينة والفحص والتفتيش فقد آن لصاحب الوديعة أن يسترد وديعته.. فليست بأيدٍ أمينة.. ويخطيء أهل الانقاذ ـ الذين هم في واقع الأمر ليسو بأهله ـ إذا احمرت وجوههم وعفرت.. وانتفخت أنوفهم وتطاير الشرر من عيونهم يظنون أني أعني بالوديعة كراسي الحكم التي يتعارك أهلها حولها تعارك الديكة..
فليهنأوا بكراسيهم.. وبتعاركهم حولها.. فليس لها طالب والحكم بيد الله العلي القدير.
«قل اللهم مالك الملك.. تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير». إن وديعتنا عند أهل الحكم في السودان هي قيم أهل السودان.. ودين أهل السودان. إن التصبر والتجمل لم يجد مع أهل الإنقاذ فتيلاً.. وقد أسيء فهم الحلم.. والجاهل دائماً يظن الحلم ضعفاً.
قال الشاعر:
أظن الحلم دل علي قومي.. وقد يستضعف الرجل الحليم
ومارست الرجال ومارسوني.. فمعوج علي ومستقيم
وأمامنا الآن قضيتان.. لن نقف أمامهما مكتوفي الأيدي.. ولن نغض ولن نتصبر.. ولن نتجمل.. ولن نحلم.. ولن نتحلم نريد حقنا في القضيتين كاملاً غير منقوص.. وذلك على مقتضى الشرع كتاباً وسنة. أما القضية الأولى فهي كتاب الله الذي ظلت تتلاعب به إدارات التعليم في الوزارة وفي بخت الرضا.. وكلمناهم في الأمر كثيراً. فلم نجد من يسمع أو يعي أو يفهم إلى أن اضطررنا إلى إصدار فتوى من مجمع الفقه الإسلامي حول الأمر.
واليوم والعام الدراسي يدق الأبواب نذكر إدارة التعليم في الأساس بأننا سلمنا الوزارة فتوى تقول بحرمة كتابة المصحف على خلاف الترتيب العثماني.. وهو الذي جرت عليه الوزارة أن تنكس كتاب الله فتكتب مثلاً سورة عمَّ أو النبأ في أقصى يسار الكتاب وسورة الناس في أقصى يمينه..
وقد صدرت الفتوى بحرمة ذلك.. وسلمناها للوزارة فنرجو من الوزارة أن تلتزم وألا نجد في أيدي طلابنا أجزاء من القرآن مكتوبة ومطبوعة بالتنكيس.. وعشمنا من أهل الاختصاص أن يعملوا على رفع كل الأجزاء القديمة من الأسواق وأن يعمموا الفتوى بمنع وتحريم تداولها.. فإذا التزمت الإدارات المعنية من التعليم بالفتوى فيها ونصحت ونسأل الله لها التوفيق والثبات على الحق والمثوبة على المسارعة في فعل الخيرات. وإن لم تستجب فإن في أيدينا فتوى ملزمة.. ولسوف نبحث عن الطرق التي نحقق بها هذا الإلزام.. وإن كنا نفضل الالتزام على الإلزام. وأرجو أن يتأكد بل ويهمني كل من يقرأ هذه الأسطر أنها ليست مقالاً في صحيفة.. ولكنها بيان للناس ونذير وآذان ببدء استرداد الحقوق الضائعة.. أما القضية الثانية فهي سفر المرأة بلا محرم.. وهي قضية لا تحتاج إلى مفتي ولا إلى مستفتي.. لأن الأمر فيها على جلاء ووضوح ونصاعة.. مع أن الفتوى أيضاً موجودة. وإذا كانت الإنقاذ تظن أن شعائر الإسلام وشرائعه إنما أنزلت من أجل العلاقات الخاصة الشخصية والأسرية والفردية وأنها لا تعمل إلا في المناكح وفي البيع في الأسواق أو في دخول الخلاء والخروج منه.. أو في بداية الأعمال طلباً للبركة.. وإذا كانت تظن أن هذه الشعائر والشرائع لا متعلق لها بالسياسة ولا بالعلاقات بين الدول ولا المجتمعات فإنها كما يقولون شنشنة نعرفها من أخزم.. وللمثل حكاية ليس هذا مقامها. إن الدولة في السودان اليوم تنتهك هذه الشريعة المتعلقة بسفر المرأة من غير محرم.. ولسوف نكتب مقالاً مفصلاً عن هذا الأمر، وسوف نطلب من الجهات المختصة الالتزام الصارم بالحكم الشرعي.. فإذا لم يتوافر الالتزام فلسوف نوفر بإذن الله الإلزام.. وهذا الأمر مطروح في وقته لأهل الغيرة والحمية والنخوة.
ليست مقيدة ببر ولا فاجر.. إن الحقيقة القرآنية تظل هي الحقيقة القرآنية وإن كان متبعوها في طور الابتلاء والاختبار أم في حالة الاستخلاف والتمكين..
سواء أحسنت جبهة النصرة أو أساءت.. وسواء أحسنت داعش أو أساءت.. وسواء انتفخ الباطل وانتفش أو انخنس الحق وانتكس.. فإن الله سبحانه وتعالى يحق الحق ويبطل الباطل ولو كره الكافرون.. وكما ذكرت من قبل لا أرى إلا أن المعركة الفاصلة على الأبواب.. وأن الله سبحانه وتعالى لا بد قد اختار رجالها وهيأهم وأعدهم فإن لم تكونوا هم.. فلا أقل من أن تكونوا من أعوانهم.
الكاتب : سعد احمد سعد
أصل المسألة – صحيفة الإنتباهة