مقالات متنوعة

هل يسترخي الصادق المهدي في سوق قندهار؟

هل يسترخي الصادق المهدي في سوق قندهار؟
قبل أكثر من عام تناول الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي إفطاره بمنطقة قندهار المعروف بوجبات اللحوم المشوية، تلبية لدعوة محمد عيسى ماهل أحد قيادات الأنصار من مدينة الأبيض. وقالت صحيفة «المجهر» آنذاك إنها شاهدت الصينية السودانية التي تتوسطها شية الجمر موضوعة أمام المهدي وحوله عدد من الرجال والنساء من قيادات الحزب، وأشارت إلى أن الزيارة لم تكن الأولى بحسب مدير الإعلام بمكتب الإمام فقد كانت الثانية، والآن بعد أن خرج المهدي من سجن كوبر متذوقاً طعم الحرية ربما ذهب إلى سوق قندهار لتناول الشية المعتبرة والسمر السياسي المصحوب بأدبياته الساخرة التي عُرف بها في تصريحاته الطريفة، إما نعتاً لخصومه السياسيين أو ربما المؤتمر الوطني مثل ما كان يفعل في الماضي، إذا لم تحدث تحولات غير منظورة ما بين نهار الاعتقال وعصر الحرية بعد شهر، وربما استعدل المهدي في جلسته وهو يمسك بقطعة لحم معتبرة وهو يقول للمدعوين: «نحن طبعاً الاعتقال ما جديد علينا والجهاد المدني أصلو نحن من روادو»، هنا يقاطعه أحد الصحافيين قائلاً: «لكن يا حضرة الإمام أنت تكلمت عن الجهاد المدني لكن تصريحاتك بعد الخروج بتعني أشياء تانية»، هنا ظهر الضيق على وجه الإمام وقال: «إنت هسه خليتني أكمل كلامي المهم نحن ما بنهادن ولا عندنا مواقف ضبابية زي ما بقول خصومنا لكن نحن بنعرف نساوي القصبة كويس بدون ما تجرحنا»، ثم يتناول الإمام القطعة الثانية من اللحم ثم يتكئ ويواصل حديثه قائلاً: «الناس اتكلمت عن شائعات كتيرة وادعوا أن الحكاية سيناريو متفق عليه، لكن الثمن شنو؟ كان سلطة نحن قادرين نصل ليها بالجهاد المدني أو بانتخابات شفافة، ولو مال نحن ما ناس متسولين وعمرنا كلو الحكاية دي ما شغلانا»، لكن صحافي ماكر آخر قال له: «لكن يا إمام قبل سنوات قلت إنكم استلمت مال من الحكومة جبر ضرر ويمكن الضرر ده لسه مستمر»؟ هنا يعطس الإمام ويتناول كوباً من الماء ويقطر جبينه عرقاً، ويقول بنبرة غاضبة: «يا أخي الناس كلها عارفه إنو الإنقاذ شالت مننا ممتلكات كتيرة من الحزب أو من الأسرة، والتعويض وجبر الضرر قيمة إسلامية مش حاجة انتهازية ولا صفقة في الظلام»، هنا قطع المهدي قطعة خبز وغمزها في صحن سلطة ثم عدل عن ذلك وقال: «طبعاً أنتو عارفين إنو في حديث كتير عن مشكلات الطماطم في البيوت المحمية زي ما قريتوا في الجرايد لكن هسه لو الحكومة حلت مشكلات الإنتاج الزراعي ما كان احتجنا للبيوت المحمية»، ثم يبدأ العد بأصبعه قائلاً:
* تخفيض تكلفة الإنتاج المتمثلة في قيمة الكهرباء والرسوم وارتفاع القيمة الجمركية في المدخلات زي السماد والتقاوي إضافة إلى الوقود. هنا بادر صحافي آخر بالحديث بعد أن قام ببلع قطعة الشية بسرعة حتى يرد على الإمام، وقال: «بس يا حضرة الإمام حسب علمي إنو في عهدكم ما حدثت نهضة زراعية»، ويسارع الإمام برد بعد تنهيدة وقال: «يا أخي الكريم مشكلة شباب الصحافيين إنو برددوا كلام من صنيعة ناس الإنقاذ وما عايزين يجتهدوا ويبحثوا عشان يعرفوا الحقيقة وين، يا أخي زمنا ما كان فيه بترول ولا دهب زي هسة نحن ميزانيتنا بس من القطن والكركدي وحب البطيخ ومع ذلك ما في مشكلة فجوة غذائية وما عندنا تعليم بالقروش ولا علاج بالقروش وبسطنا الحريات حتى الإسلاميين لمن خشوا المعارضة كانوا بمارسوا الحرية بالطول والعرض ما في زول بعترضم لأنو نحن يا أخي دولة مؤسات وبسط».
لكن أحد الحضور يرتدي نظارة سوداء وهو من غير المشاركين في الدعوة قال بخبث للإمام: «طيب إنتو هسه موقفكم ما واضح تجاه النظام العندكم فيه رأي زي ما هو واضح من كلامك ده»؟
ويرسل الإمام نظرة فاحصة للمتحدث ثم يقول: «موقفنا واضح وما فيه لبس نحن رأينا في الحكومة ما عايز شرح وقلناه مئات المرات، وقلنا نحن بنرفض دولة الشمولية وعشان كده قلنا للجماعة الحاكمة إما أن ينساقوا للتغيير أو التحول الديمقراطي ولا نحن حنمشي في طريق الجهاد المدني هسه دي فيها ضبابية».
هنا يسأل صحافي بدا صامتاً طوال فترة الحوار والسمر وقال للأمام: «طيب يا حضرة الإمام إنتو حتخشوا الانتخابات بدون شروط وسبق قلت إنكم ما بتمشوطها بقملها فهل تم المشاط»؟ هنا يبستم المهدي ويتناول لحمة ثالثة ثم يقول: «شروطنا يا أخي ما قلناه قبل كده لازم تكون في اشتراطات للانتخابات نزيهة وشفافة وتكوين حكومة قومية متفق عليها وطبعاً دي لو قامت بتكون الحكاية اتمشطت كويس». ثم يسأل صحافي آخر قائلاً: «لكن حتى الآن الحزب ما قدر يلم شملو والناس الخرجو صعب يعودوا تاني ويمكن تحصل انشقاقات جديدة في الحزب تتزامن مع الانتخابات».
ويرد الإمام بشيء من الضيق ويقول:«يا أخي المؤتمر الوطني بمشي الجبانات وبستنهض منها الأموات وديل ما عندهم تأثير ونحن ما محتاجين لهم». ثم ينهض الإمام من أمام المنضدة بالرغم من أنه اكتفى فقط بثلاث قطع فقط من لحم الشواء، ثم يتمتم قائلاً: «هسه الشية دي كان سعرها في زمنا كده»؟ وينظر إلى الصحافيين ثم يدلف إلى سيارته.

الكاتب : احمد طه الصديق
على الرضيف – صحيفة الإنتباهة