تنازل في سبيل الحوار
< تعود من جديد أجواء التفاؤل، فقد طالبت أحزاب المعارضة المشاركة في آلية الحوار، باستئناف التشاور والتحاور في إطار موجهات خطاب رئيس الجمهورية في لقاء السادس من أبريل الماضي، ودعت خلال اجتماعها ومؤتمرها الصحفي الذي عقدته بدار حزب المؤتمر الشعبي أول من أمس، إلى إنجاح عملية الحوار الوطني، واعتبرت إطلاق سراح السيد الصادق المهدي هو إطلاق سراح الحوار نفسه.. وفي ذات الإطار نقاش اجتماعها مسيرة الحوار الوطني مع تجديد طلبها بلقاء رئيس الجمهورية آلية الحوار أو ما يسمى «7+7». < ويبدو أن أهمية الحوار لكلا الطرفين الحكومة ومعارضيها، بات هو الأمر المطلوب الآن، فلا مجال للتراجع عن الحوار والوفاق بين مكونات العمل السياسي والحزبي، وقد أثبتت الوقائع والأحداث منذ الإعلان عن الرغبة في الحوار في يناير الماضي من قبل المؤتمر الوطني في خطاب الوثبة للرئيس البشير وحتى اليوم، أنه مهما تعقدت الأوضاع وكثرت العراقيل والمطبات فإنه لا بديل للحوار لتسوية الخلافات السياسية ولا سبيل غير إشاعة أجواء التفاهم وتذليل كل العقبات من أجل الاستقرار والتبادل السلمي للسلطة وبناء تماسك وطني قوي وخلاَّق، يجعل البلاد تجتاز مفاوز الصدام والخصام والشقاق. < ولا بد أن تتغلب الحكمة السودانية على ما يعلق في النفوس من مرارات وإحن وضغائن وغبن، فالبلاد نظراً لما يجري حولنا في الإقليم وفي الساحة العربية أحوج ما تكون للتسامح والاستقرار والصفاء السياسي، فالسودان الآن واحة وسط صحراء ملتهبة من الخلافات والصراعات الدامية من حوله في جواره الإفريقي والعربي على السواء، وعلينا أن نحافظ على ظلال وماء وبرودة هذه الواحة من أن تجتاحها الصراعات والمسلحة والخلافات الدامية. < وقد فطنت الحكومة وأحزاب المعارضة التي وافقت على الانخراط في عملية الحوار منذ البداية، إلى أهمية مشاركة جميع الفرقاء السودانيين في هذه العملية السياسية الخلاَّقة والبناءة بما في ذلك الحركات المتمردة التي تحمل السلاح، وأعلن رئيس الجمهورية في خطابه يوم 6/4/2014م، عن توفير كل الضمانات لمن يريد المشاركة في هذه العملية من حملة السلاح، وأبلغت الحكومة كل المنظمات الإقليمية والدولية ودولاً عديدة لها علاقة بقضايانا بهذه الضمانات، وهذا يعني أن القلوب والعقول السودانية مفتوحة ومشرعة الأبواب للتلاقي والتحاور حتى الوصول إلى حلول منجيات تنتشل البلاد من مزالق التفرق والمواجهات. < ولعل ما يؤكد ذلك أن السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي في أيام حبسه، لم يعلن مقاطعته الحوار واعتزاله له، بل كان حريصاً عليه لمعرفته الدقيقة والعميقة بأهميته، وأن هذه الفرصة إن ضاعت فقد ضاع كل أمل في استقرار البلاد وسلامة وحدتها.. وهذا ما أكده لقاء السيد الإمام بآلية الحوار الوطني من أحزاب المعارضة التي تلمَّست عنده هذه الرغبة الداعمة للحوار، والوعي بأهمية إنجاحه حفاظاً على وطن يمشي فوق الأشواك وحقول الألغام. < إن أحزابنا السياسية بما فيها الحزب الحاكم المؤتمر الوطني، مطالبة بتوطئة الأكناف وخفض الجناح وسد الخلة وبناء ثقة عالية بينها، حتى تعبر البلاد هذه المرحلة ونحن متفقون على الأسس والثوابت التي تبنى عليها الأوطان، فمازال كل شيء ممكناً تذليله ولحاقه إذا توفرت بين الفرقاء والخصماء السياسيين الإرادة القوية والجادة، فهناك لحظات حاسمة في التاريخ يجب اغتنامها والاستفادة منها ونشر أشرعتها حتى تنطلق مركب الوطن بلا توقف وتنجو من الأعاصير والأنواء. < ونحن جميعاً مطالبون بالعمل بإخلاص على تقريب المسافات بيننا، وتغليب روح الصفح والعفو والمسامحة، والبحث عن مسارب ينفذ منها ضوء وهواء نقي يعيد الحيوية لجسد الوطن، ولن يحدث ذلك دون حوار حقيقي حول كل القضايا الوطنية دون مهزوم أو منتصر. [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة