الصادق الرزيقي

في الجزيرة المروية

[JUSTIFY]
في الجزيرة المروية

< الزيارات الميدانية والوقوف على الأوضاع في أرض الواقع هو الأسلوب السليم لتحسس هموم المواطنين ومعرفة الحقائق كما هي، ويلاحظ في الفترة الأخيرة أن الزيارات المكثفة للولايات التي يقوم بها السيد نائب الرئيس الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن، قد أتت أكلها نوعاً وكماً، ولو لم تفعل شيئاً فيكفي أن انتقال السلطة الاتحادية بطاقم وزاري يمثل القطاع الاقتصادي أو الأمني أو الخدمي الاجتماعي للولايات، سيكون محفزاً لها، ودافعاً لترتيب أوضاعها وطرح قضاياها بطريقة أفضل وأنجع. < أمس كانت زيارة لولاية الجزيرة قام بها نائب رئيس الجمهورية وتستمر حتى انقضاء سحابة نهار هذا اليوم، يرافقه فيها وزراء ووزراء دولة في وزارات القطاع الاقتصادي ومدير عام البنك الزراعي ومساعد محافظ بنك السودان، لمتابعة الأوضاع عن كثب والعمل المشترك بين الحكومة الاتحادية وحكومة ولاية الجزيرة من أجل تفعيل الأداء الاقتصادي للولاية وإعادتها لدورة الاقتصاد الوطني بصورة أكبر من ذي قبل، والتشاور مع حكومتها من أجل النهضة التنموية والاقتصادية وهي أكثر الولايات تأهيلاً للمساهمة بقوة في دفع عجلة الاقتصاد الوطني، فإذا تعافت ولاية الجزيرة وتحركت وخطت خطوات للأمام في طريق الإصلاح الاقتصادي، سيكون السودان كله في المسار الصحيح، ألم تكن الجزيرة ومشروعها العملاق تحمل اقتصاد البلاد طوال فترة الاستعمار والحكم الوطني دون كلل أو ملل حتى سقط مشروع الجزيرة مغشياً عليه وعجز الطبيب المداويا عن تضميد جراحه وتقوية مناعته وإعادته إلى سابق مجده وعهده؟ < الزيارة لامست القضايا الرئيسة التي جعلت ولاية الجزيرة تتباطأ في نهضتها الاقتصادية، لكنها في ذات الوقت صوبت الاهتمام إلى المسار الصحيح الذي يجب أن يكون حتى تتقدم الجزيرة للأمام وتعود إلى مضمار الإنتاج. < وبغض النظر عما تم خلال هذه الزيارة وما يتمخض عنها، بعد اجتماعات مكثفة ولقاءات وزيارات وتكوين لجان مشتركة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الولاية وصدور توجيهات واضحة من السيد نائب الرئيس لوزارات القطاع الاقتصادي الاتحادية وبنك السودان، إلا أن المخرج الحقيقي للجزيرة ولكل السودان ولإنعاش الاقتصاد الوطني، هو إحياء مشروع الجزيرة وعودة الروح إليه من جديد، وبانهيار هذا المشروع الذي يُعد من أكبر المشروعات الزراعية المروية في العالم، والأكبر في إفريقيا والعالم العربي، لم يسلم جسد الاقتصاد السوداني من العلل والأمراض، وانهارت آمال كثيرة علقت على أفق البناء والتنمية والنهضة. < ولا جدال حول الوضع الحالي في ولاية الجزيرة، خاصة الفقر الذي زحف على مواطنها وعلى حكومتها، والسبب يعود بشكل مباشر إلى الجريمة النكراء التي اُغتيل فيها مشروع الجزيرة وما آلت إليه أوضاعه، وبالرغم من أن الحكومة في فترات مختلفة حاولت إصلاح ما يمكن إصلاحه وتخبطاتها في الاهتداء للعلاج الناجع، فقد جاء الوقت لاتخاذ قرارات جريئة تفتح الطريق لنفخ الروح في هذا المشروع الذي ضيعناه بالامبالاة وعدم الدراية وسوء التقدير. < فالحل الأمثل هو الأخذ بآخر تقرير أعدته لجنة تاج السر مصطفى التي أنهت قبل عدة أشهر تقريراً ضخماً بعد زيارة طويلة وطواف على المشروع وجمع البيانات والمعلومات، وتوصلت اللجنة إلى أفكار بناءة لو أخذ بها ستعيد المشروع إلى وضعه القديم. < والكل هنا حادب على عودة المشروع، ولن يتأتى ذلك دون إلغاء قانون مشروع الجزيرة الصادر في عام 2005م وإصدار قرارات فورية بعودة المشروع إلى ما كان عليه واختيار إدارة تنفيذية فاعلة وقوية وأيلولة الري إلى وزارة الموارد المائية وتوحيد السياسات الزراعية، والمشروع قادر على تمويل نفسه بالإصلاحات المطلوبة والتدابير الإدارية ووضوح سياسات الدولة. < وما يحدث في ولاية الجزيرة من ضمور في النشاط الاقتصادي وخاصة الإنتاج الزراعي والصناعي والتنموي، لا يمكن قبوله وتركه على ما هو عليه، ويتوجب على الحكومة الاتحادية بعد زيارة نائب الرئيس، أن تعيد ترتيب أولوياتها في السياسات الاقتصادية والأخذ بيد مثل هذه الولاية المؤهلة لتكون الأنموذج الجديد لتقوية الاقتصاد والخروج من عنق الزجاجة. [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة