الصادق الرزيقي

النواب والوزارة

[JUSTIFY]
النواب والوزارة

< من الغريب في سودان اليوم، ومن ملامح الفوضى العارمة الضاربة بأطنابها، احترار المعارك المعلنة وهي تدور تحت سمع وبصر الجميع، بين نواب في البرلمان ووزارة اتحادية مهمة هي وزارة المعادن، ووصل التلاسن بين المتعاركين الوزارة ونواب في البرلمان إلى استخدام كل الأسلحة والنيران الثقيلة وإصدار البيانات ونشرها بالصحف السيارة، وتكاد هيبة الدولة ومؤسساتها تسقط تحت الأقدام تدوسها الأرجل وتلوكها الألسن وتمضغها الأسنان. < وتستدعي هذه الملاسنات بين الوزارة والنواب من الهيئة البرلمانية لولاية شمال كردفان، آراء عديدة حول حق النواب في مقارعة الجهاز التنفيذي وتقديم المسائل المستعجلة والتصويب نحو الأخطاء بما يقتضيه القانون في كشف الأخطاء التي تُرتكب من قبل الجهاز التنفيذي، وآراء أخرى حول ضرورة التعامل الشفاف والواضح من الجهاز التنفيذي وهو ينفذ واجباته، وأهمية تعاون الوزارات مع البرلمان في تقديم البيانات والمعلومات وهي تقوم بمهامها وتلقى انتقادات النواب وما ينتج عنها في القالب والإطار الصحيح وفق اللوائح والقانون والدستور تحت قبة البرلمان. وكل ذلك منظم وموضح في قانون المجلس الوطني ولوائحه، وتوجد أعراف تُراعى في هذا الجانب. < وفي الحالة التي أمامنا، توجد شبهات يتحدث عنها الناس، هي السبب الحقيقي وراء التعارك المشين بين بعض نواب شمال كردفان ووزارة المعادن، فالأسباب الحقيقية من جانب الوزارة، تتحدث عن طلب تقدم به النائب الذي أثار القضية وقاد المعركة لإعطائه ترخيصاً لشركة يملكها مع آخرين للعمل في ما تسمى «الكرتة» وهي مخلفات التعدين الأهلي، في مناطق حددها في منطقة تتبع لولاية غرب كردفان، ولم تستعجل الوزارة في منحه نسبة لنوع الإجراءات المتعلقة بالفرز وعمل اللجان المختصة التي تنظر في الطلب.. والمعايير التي يتم التعامل بها مع الشركات من حيث كفاءتها المالية وقدرتها وكمية «الكرتة» الموجودة في الموقع المقترح. < ومن جانبه يتهم النائب الذي أثار القضية أمام الرأي العام، وزارة المعادن بأنها منحت التصديق في المربعات المحددة لشركات أجنبية، وأن الوزارة تعاني من استشراء المحسوبية وغياب الشفافية والمحاباة والمجاملات، وطالب بتصفية الوزارة وضمها لوزارة النفط. < ترك القضية والمساجلات بهذا الشكل وفي الهواء الطلق، يثير غباراً من الريبة وتغبيش للحقيقة في اتجاهين رئيسين، الأول متعلق باستخزاء مقيت لمؤسسات الدولة ووزاراتها وجعلها عرضةً للاتهامات الجزافية، في اتجاه مقابل بروز أحقية وحدود النائب البرلماني في مواجهة ما يراه خطأً ومتى يفعل ذلك وكيف.. فغياب الحقيقة يجعلنا أمام خيارين، فإما أن تكون الوزارة في هذه القضية.. قد صدقت وهو من الكاذبين، أو تكون كذبت وهو من الصادقين!! < ومن أكبر العيوب التي تتصف بها تجربتنا النيابية والسياسية بجانب الأخطاء من الجهاز التنفيذي، أن المرجعيات داخل البرلمان في الهيئة النيابية للحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة أصبحت فوضى لا ضابط لها، ففي حالة حدوث تنازع من هذا الشكل يجب أن تكون قيادة الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الوطني قادرة على ضبط النزاع وتبين موضع الخلل ومع من الحق، فإن كان النائب على صواب ولديه ما يثبت قوله واتهامه فلتقف خلفه بقوة وتساعده وفق الإجراءات السلمية في كشف ما يراه من إعوجاج، وإن كان على باطل عليها أن تكف يده وتوقفه عن المضي في تشويه الجهة التنفيذية والخروج بالمعارك الكلامية إلى الرأي العام. < ونخشى في هذه الحالة دون أن نجد لها رادعاً وكابحاً، أن تتحول القضايا الشخصية إلى قضايا عامة ويختلط فيها الحابل بالنابل وتختفي الحقائق، ونفقد ونحن نذبح على نصب الذاتية والشخصانية نظماً وقوانين وتعاملات رسمية تتم وفق محددات ومقيدات لا علاقة لها بشخص أو جهة أو كتلة . [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة