تحقيقات وتقارير

المنظمات الأجنبية المبعدة….. ويبقى الأمل

يبدو أن عشم المنظمات الأجنبية التى أبعدتها الحكومة من دارفور فى مارس الماضى بسبب تداعيات الجنائية لم ينقطع حتى الآن ولم تيأس هذه المنظمات من محاولات العودة التى ظلت تصطدم كل يوم بقرار رفض الحكومة السيادى.
—-
ثمت استفهامات يفرضها واقع الحال المتمثل فى الحاح المنظمات الثلاثة عشر بالعودة للعمل الطوعى فى دارفور التى تأتى فى شاكلة لماذا هذا الإلحاح الشديد للعودة؟ وكيف لإنسان يقبل العودة بعد طرد؟ وهل هذه المنظمات لها مصلحة ذاتية فى دارفور أم أنه الدافع الإنسانى؟
منظمة أصدقاء المؤسسات الخيرية فى امريكا المعروفة بـ (فوكا) جاءت للبلاد أمس تحمل مبادرة (توبة واستغفار) من ثلاثة عشر منظمة أجنبية تم طردها من دارفور فى مارس الماضى بسبب تداعيات قرار المحكمة الجنائية ضد الرئيس البشير، وقال الدكتور صالح سليمان ابو الهيب الامين العام للمنظمة من خلال مؤتمر صحفى عقب توقيع المنظمة لاتفاق تعاون مع اتحاد المنظمات الوطنية السودانية (اسكوفا) بوزارة الشؤون الانسانية أمس (جئنا نحمل مبادرة من منظمات امريكية تم ابعادها من السودان وكلنا أمل فى أن نجد مرونة من الحكومة بشأن عودة هذه المنظمات وذلك من أجل الإستقرار والتنمية فى دارفور).
ولكن دكتور عبدالباقى الجيلانى وزير الدولة بالشؤون الإنسانية قطع الطريق امام المبادرة فى رده على سؤال لـ «الرأي العام» حول مدى قبول الدولة للمبادرة التى تعتبر الموافقة عليها رجعة عن قرار اتخذته الحكومة من قبل بل اعتبرته سيادىاً لارجعة فيه؟ فقال الجيلانى: نحن نؤكد ان العمل الانسانى فى السودان مفتوح وليس مغلقاً وان السودان يرحب بكل العالم الانسانى ولكن ليس المنظمات التى تحمل أجندة دول، وأضاف قرار طرد المنظمات قرار سيادى ولارجعة فيه ولكننا تعاملنا مع المبادرة وسلمنا منظمة (فوكا) رداً مكتوباً يتضمن التجاوزات التى ارتكبتها هذه المنظمات فى دارفور وكررنا كثيرا نحن لا نرفض ا لتعامل مع أية منظمة اجنبية اخرى تلتزم بقواعد العمل الانسانى فى دارفور ولكننا لانقبل منظمات فى ثياب دول.
وتساءل الجيلانى قائلاً (هذه المنظمات اين تذهب وكيف تعمل فى حال توقف الصراع فى دارفور؟ ونؤكد ان هذه المنظمات منتفعة من استمرار الحرب ولاتريد الاستقرار للسودان).
وفى الاتجاه ذاته خرج مبعوث الرئيس أوباما للسودان اسكوت غرايشون بتصريح أمس مفاده ان الحكومة وافقت على عودة عدد من المنظمات الامريكية المبعدة للعمل مرة اخرى فى دارفور. الأمر الذى اعتبره المراقبون تراجعاً للحكومة فى قرارها من داخل اجتماعاتها المغلقة مع المبعوث وترفض عودة المنظمات للاعلام ويرى البعض الآخر ان واشنطن وضعت عودة هذه المنظمات شرطاً أساسياً فى مبدأ حسن النية لعودة العلاقات بين البلدين ويتساءل الجميع حول ما اذا كانت الحكومة ستوافق ام لا؟ وهل ستعود هذه المنظمات نفسها فى ثوب آخر؟ كحل وسط للأزمة يرضى طموح واشنطن من جهة ويحفظ ماء وجه الحكومة من جهة أخرى.
هذه الاستفهامات جميعها رفضها الجيلانى الذى تمسك بان القرار سيادى و لارجعة فيه ولكنه فى نفس الوقت لم يرفض المبادرة وقال الجيلانى إن حديث اسكوت غرايشون ليس جديداً وسبق ان رفضته الحكومة ولا زلنا نؤكد تمسكنا بقيم العمل الانسانى فى دارفور اذا أراد الغرب الانسانى ذلك وما عداه فلا تهاون. وقال الجيلانى إن التحدى الماثل أمام الحكومة فى أزمة دارفور يكمن فى كيفية توفير آليات العودة الطوعية لباقى النازحين فى قراهم وتحسين الأوضاع الإجتماعية والسياسية ونتطلع لنجاح مفاوضات الدوحة القادمة كمخرج نهائى.
ولكن وفد منظمة (فوكا) أمن على رغبة الحكومة وقال ابوالهيب نحن نعلم جيداً إن دارفور لم تكن أزمة لولا تدخل أيد خفية تريد أن تعبث بأمن السودان ونحن جئنا فقط مبادرين وسنعود.
وتقول الحكومة فى كثير من المناسبات إنها خرجت من أزمة طرد المنظمات الاجنبية بفائده كبيرة أعطت المنظمات الوطنية الثقة التى خرج بها قرار سودنة العمل الانسانى فى البلاد ويقول لسان حال الجيلانى أمس إن عودتها أصبحت (عشم ابليس).
ومهما يكن من امر ستظل المنظمات الاجنبية تحمل عشم العودة لدرافور ولكن سيظل هذا العشم يصطدم بقرار الدولة السابق خاصة وإنها وراء ازمة الجنائية ولذلك تشير التكهنات الى أن موافقة الدولة على عودة المنظمات ستكون من المستحيلات.
وتجدر الإشاره الى أن (فوكا) منظمة أنشأتها خمس منظمات إسلامية فى امريكا عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر وذلك للدفاع عن المنظمات العربية والإسلامية التى تعرضت لرد فعل قوى بسبب الحرب على الإرهاب.

خالد فرح :الراي العام