مزمل ابو القاسم

الجحيم


الجحيمد
[JUSTIFY] * تلقيت الرسالة التالية من الحبيب نهاد حفيد الحاج عبد الرحمن شاخور، الأب الروحي للمريخ، وحملت رسالته ما يلي:

* استاذي وملاذي وتاج رأسي، لي يومين بقاسي في الوصول إليك.

* فشلت في (اليوم التالي)، وتعبت من مشاوير الصدى وحي الهدى، ولم اجد حيلة لاجتياز خطوط دفاعاتك الامامية المدججة بالسكرتارية وأفراد الهدف وصوت تلك المرأة التي لا تكل من ترديد عبارة (هذا المشترك لا يمكن الوصول اليه حالياً)!

* المهم يا عزيز حي الهدى.. في خاتمة المطاف اهتديت إلى النت، وبين ناظريك مكتوبي، وأمامك شكوتي، ومن بعدها شكري، إذا سمحت لهذه الحروف أن تشغل هذه المساحة الغالية.

* لا خلاف في ان العمل الإداري شاق لا يطاق، وطارد غير جاذب، يتطلب تدفقاً نقدياً على مدار الوقت، لاسيما في عهد الاحتراف، الذي لا يعترف إلا بلغة المال.

* كل ذلك في ظل ضعف موارد انديتنا البائن بينونة كبرى، كما أصبح عبء الصرف يقع على عاتق نفر قليل.

* في العرضة جنوب ظل ومازال وما انفك وجيه حي الصفا ينافح ويكافح ويدافع ويدفع بدون كل ولا ملل ولا من، فله التحايا من كل الزوايا، الى ما لا نهاية، مع وسام الإنجاز ونيشان الخدمة الطويلة المدهشة.

* بعد هذه السنين الطويلة المتواصلة والمكتنزة بالانجازات والتي بلغت 11 عاماً من حق الرجل أن يستريح ويسلم الراية، ومن حق غيره إن يتقدم لاستلامها ودفع ضريبة المريخ، ومن حق المراقبين أن يؤكدوا بان شهر 10 القادم سيشهد اشتداد الريح على المريخ في ليالي الزعازع والبحث عن الأوتاد والفارس الجديد.

* ما تقدم كان غيضاً من فيض عطاء وجيه حي الصفا للعرضة جنوب، فما بال العرضة شمال التي لم تكن بمعزل عن تضحيات الرجل الواحد.

* فيها أعطى صلاح ادريس ولم يستبق شيئاً، وعمل الأمين البرير بكل ما أتي من قوة على دفع مسيرة الهلال، التي لو لا عطاء مجلس عطا المنان لتوقفت عند محطة الفيفا.

* نجح الباشمهندس وصحبه في إنقاذ العجلة الزرقاء من مطب الفيفا، بعد أن سددوا الديون فنامت العيون.

* ما اثقل الدَين يا مزمل، هم بالليل ومذلة بالنهار، وخندقة إذا لزم الأمر، وبقاء في السجن إلى حين السداد أو الممات، إذا وقعت في يد الشرطة.

* ما تقدم يمثل جزءاً يسيراً من اسهامات أولئك النفر فأين البقية الباقية من أثرياء الهلال والمريخ، الذين آثروا السلامة ووضعوا أصابعهم في آذانهم وتجاهلوا كل نداءات العون والغوث وأبغضوا كل من يدعوهم لذلك.

* اليك صورة مكبرة لهذه الحالة من أرشيف السياسة العربية.

* كانت مشكلة القمم العربية تلك الدعوات التي تتلقاها الدول الغنية من الفقيرة، لعقد اجتماعات يعلم أهل الغنى مظهرها، ويعرفون جوهرها، المساهمة في حل أزمات مالية لها سطح وليس لها قاع، لذلك كان يقبلون تلك الدعوات على مضض، فتجدهم آخر من يصل لقاعة الاجتماعات وأول من يغادرها، متمنين ألا تعيدهم الظروف لمثلها، طال الزمن او قصر .

* أردت من الفقرة السابقة أن أوضح لكل من يتأهب لقيادة نادٍ رياضي أنه سيصبح في الساحة وحده، يدفع وحده، ويتحمل ألوان العذاب وحده.. ولنرى.

* ذات يوم كنت ماراً بأحد شوارع أمدرمان العتيقة، فإذا بي أمام جمهرة تصدر منها جلبة كبيرة، فعملت على تفاديها، لأنني كنت على عجل ولي شأن يغنيني.

* صاح أحد المتجمهرين (هذا هو نهاد شاخور تعال يا نهاد)!

* ذهبت اليه فعاجلني قائلاً (ألم نكن على موعد للذهاب لجمال الوالي لإحضار مبلغ 8 الف جنيه لهذا الرجل)؟

* تأكدت من الحديث الكاذب أن المنادي في مأزق وأراد أن يتخارج من الموقف الذي لا يحسد عليه بهذا الحديث الكذوب والموعد غير المضروب!

* قلت له ما الخطب؟ فبادرني خصمه قائلاً: (يا ابن العم هذا الشاب استأجر مني داراً أمتلكها للنادي الذي يترأسه وهو نادٍ معروف بالدرجة الثالثة، وعجز عن سداد أجرة 8 شهور وأريد منه ان يخلي لي داري ويكتب لي وصل أمانة بالمبلغ المتبقي عليه وأن يوضح لي سر السراير التي بداخل النادي).

* رد عليه رئيس النادي الشاب قائلاً: (هذه الأسرّة نحتاج لها عند اقامة المعسكرات للمباريات المهمة)!!

* تعاطفت مع رئيس النادي الشاب الذي جمعني معه عالم المستديرة فعملت على مخارجته من هذا الموقف، وقلت لمالك العقار دعه الآن وسنعمل على إقناعه بإخلاء النادي وتسليمك المفاتيح في أقرب وقت أما بقية مستحقاتك فكل عقدة لها حلال.

* اخذت رئيس النادي الشاب من يده وأخرجته من بين الجموع، وانتبذنا مكاناً قصياً وقلت له ما أصل الحكاية؟

* قال لي: في يوم من الأيام جمعني اجتماع مع نفر من أهل الحي الذين يؤمنون بقضية النادي، وعقدنا العزم على تولي قيادته، وبعد عدة اجتماعات بايعوني رئيساً للنادي، وعندما دقت ساعة العمل وجد الجد وظهرت الاحتياجات المادية لتسيير النشاط الرياضي تسلل الواحد تلو الآخر، وتركوني وحدي أصرف على النادي من عدة مصادر.. مرة من معاش المرحوم والدي بعد أن أتعلل لأهل بيتي بان المعاشات فيها مشاكل وأصبحت تتأخر، ومرة بالاستدانة من حوانيت الحي وتارة من المصاريف التي تصلني من زملاء الجامعة السابقين، وتارة اخرى من الهدايا العينية التي تصلني منهم البناطلين والأحذية والعطور والموبيلات وكل ما يقع في يدي أهرع به الى سوق امدرمان لبيعه وأصرف ريعه على التمارين وحوافز المباريات الى أن اهتديت لتأجير النادي من الباطن كداخليات لطلاب الجامعات.. وذلك سر السراير التي احتار فيها مالك العقار، وحالياً الطلاب في إجازة طويلة مما أدى إلى توقف النذر اليسير الذي كان يأتيني منهم فأدفعه إلى صاحب العقار كي أضمن سكوته إلى حين ميسرة.

* قلت له ما الذي يجبرك على ذلك؟ قال حب النادي وخوفي عليه من الاندثار بعد أن هرب منه الجميع ولم اجد أحداً يتسلمه مني، فصرت أدور في هذه الدوامة.

* قلت له اذا كان حب النادي يلقي بك في التهلكة شفر قلبك وافتح مخك وخارج نفسك وأكسب وقتك قبل أن تستفحل المشاكل التي تحدق بك.

* رغم الهموم الجاثمة على صدر هذا الرئيس الشاب لا ينقطع من متابعة مباريات الهلال ولا يهدأ له بال إلا بمشاكسة المريخاب، فالرجل حجة في عالم المستديرة ومحلل بارع لذلك ينتظره الكافة لتحليل المباريات وإثراء مجالس النقاش والبت في الأمور الكروية.

* مما تقدم يا استاذ مزمل بأن رئيس النادي الرياضي أشقى من وتد الخيمة!

* لكي يثبت الوضع يترك رأسه للسندال وعنقه للربط وجسده للدفن!

* لكي نحافظ على تلك الكوادر الرياضية التي تحرق نفسها لتضيء الكيان والمكان ويشهد الزمان، يجب أن لا نضيق عليهم الخناق، بأن ننتقد ذاتهم ونحصي نبضاتهم، وننتظر هفواتهم.

* إذا فعلنا فلن نسمع بعدها إلا هذه العبارات (خرج الإداري فلان الفلاني من ناديه ولم يعد حتى الآن، أوصافه كالآتي: ضحى بماله ووقته للنادي على حساب اسرته وكان مهموماً برفعة شأنه وتطويره، ولم يبخل عليه بشيء، فكان اخر من ينام وإول من يصحو لرعاية الكيان، الرجاء لمن يتعرف عليه محاولة إقناعه بالرجوع للجحيم من جديد.

* في الختام يا استاذ مزمل اذا رأت هذه السطور النور أكون مسرور وتكون مشكور.

أخوك نهاد شاخور
[/JUSTIFY]

مزمل ابو القاسم – كبد الحقيقة
صحيفة الصدى