إنهم (يشتمون) أنفسهم
كالعادة… ما إن أقوم بفتح بريدي الإلكتروني كل صباح.. حتى تأتيني بعض (الرسائل الحادة) التي تختلف معي في طريقة نقدي لبعض الفنانين أو للساحة الفنية بشكل عام، بينما يتصل بي الكثير من المشفقين، ليخطروني بأن مجموعة من الشباب المعجبين بالفنان (فلان الفلتكاني) قد نصبت لي (المشانق الإسفيرية) بإحدى صفحات الفيسبوك بسبب انتقادي لـ(ملهمهم الأول)، أو أن (شاعراً مغموراً) من شعراء هذا الزمان (الأغبر) قام خلال تعليق (ساذج) باتهامي بأنني استهدف النجوم، وأنني أحاول أن أكتسب شهرة إضافية جراء ذلك النهج الذي اكتب من خلاله.
يؤسفني كثيراً أن أحيط كل من يشتمني بتلك المواقع الإسفيرية أو غيرها من الوسائل الأخرى، بأنني لا أكترث إطلاقاً لهم ولا لشتائمهم التي تعبر عن (شخصياتهم الحقيقية) وعن أسلوبهم (العاجز) في الرد بالمنطق وبالحجة، فكل من يظن أننا نستهدف فناناً بعينه أو مطربة أو حتى شاعراً، لا يستحق بالفعل أن نكترث له ولا أن نكلف أصابعنا عناء البحث عن موقع تلك (الشتيمة)، لأنها في الأصل (شتيمة بائنة العورة)، تقوم مقام (التطبيل) وتقديم (فروض الولاء والطاعة) للفنان، وذلك حتى يتقرب أولئك منه أكثر، وليؤكدوا له أنهم (قدر المسؤولية)، والمسؤولية ها هنا لا تعني الرد على النقد الموجه للفنان بأدب وبمنطق، بل المسؤولية تعني هنا التفنن في (إطلاق الشتائم) وإغراق المساحات بـ(النَّبز) المردود على صاحبه بالطبع.
أنا أكثر من يتقبل النقد، وأكثر المعجبين بمن يدلونني على مواضع الخلل في مسيرتي بشكل عام، بينما لا أميل على الإطلاق لكل من يحاول أن يتقرب إليَّ عبر بوابة (الشكر)، لأنني مقتنع تماماً بالمثل القائل (أسمع كلام الببكيك)، لذا فإنني على استعداد تام لتقبل أي نقد مبنى على الأخذ والرد، وعلى المنطق، بينما لا أجد أي استعداد لخوض غمار معركة (تبذير لفظي) مع أيٍّ من (المفتونين) بفنان معين أو مع أيٍّ من (المشاترين) والذين يودون لفت الانتباه من خلال إطلاق الشتائم ولفت الأنظار بطريقة (بائسة) و(مخجلة).
جدعة:
الحديث السابق بالتأكيد لا يشمل كل الناس. هنالك بعض التعليقات المحترمة جداً التي أطالعها بين الفينة والأخرى، تلك التعليقات التي أحرص على التواصل مع أصحابها وتبادل وجهات النظر معهم بكل ود وأريحية، أما التعليقات الأخرى فلا أحتاج كثيراً لمطالعتها أو التدقيق في عباراتها، فهي تعليقات (مضحكة ومسلية).. وأنا لا أميل للضحك ولا للتسلية في ساعات عرض (الحقائق المؤلمة جداً).
شربكة أخيرة:
نعم…هؤلاء يستحقون (العطف والشفقة).. فهم (يشتمون أنفسهم).. وما أقسى أن (يشتم المرء نفسه)!.
[/JUSTIFY]
الشربكا يحلها – احمد دندش
صحيفة السوداني