احمد دندش

عن (أنس) بحكي ليكم.!

[JUSTIFY]
عن (أنس) بحكي ليكم.!

لا أعرف اسمه بالكامل، كل ما أعرفه أن اسمه (أنس)، شاب اقتحم دار النادي العائلي على متن كرسي متحرك، أوقفه جانباً، ثم بدأ يحبو حتى وصل المنصة، وأمسك بالمايك، ثم بدأ يغني.!
إحساسي في تلك اللحظات كان متنازعاً ما بين أن أستمع إليه، وأن ابحث عن اسمه وسيرته الذاتية من اجل إفراد له مساحة للظهور عبر الصحيفة، لكني وللأمانة اخترت الأولى، فالرجل يحتجزك في قفص مذهب من الإبداع، حالما تلامس حروف أغنياته مدببة المايكروفون.
له قدرة غريبة على احتلال الأفئدة بصوته، وله قابلية غريبة على التصالح مع إعاقته، وفقاً لتدفق إبداعه، وأن يوازن احدهم مشاعره بحيث تحتجز الخيوط السلبية منها، وتفرد المساحة لجريان السيول الإيجابية، فهو بلاشك إنسان يستحق التحية والاحترام.
استوقفته عقب نهاية وصلته الغنائية وهو يهم بالمغادرة بكرسيه المتحرك، قلت له إنني أريد أن أجري معه حواراً مختلفاً، فقال لي بأنه فنان يغني ليطرب نفسه في المقام الأول، قبل أن يطرب الآخرين، أصررت عليه على مبدأ الحوار، فوعدني خيراً، ثم غادر المكان تاركاً خلفه الكثير من الدروس والعبر لمعنى أن تكون فناناً حقيقياً تطرب الآلاف من الجمهور.
اكتب اليوم عن ذلك الفنان المعاق الذى يدعى (أنس)، وأنا أشاهد جحافل من الفنانين الذين (يمشون على قدمين)، وهم يلوّثون الأجواء بأغنيات في غاية (الوضاعة)، ويتعاملون مع المعجبين وكأنهم بضع أجسام طفيلية غزت مناعتهم الفنية عن غير قصد، أقول هذا الحديث وفي بالي ذلك الـ(أنس) الذي يغني جالساً على الأرض، فتجلس معه كل المشاعر، وتتكئ العواطف على قوافي أغنياته.
جدعة:
يا هؤلاء… خذوا من (أنس) القليل من التواضع، وقبل هذا خذوا منه وتعلموا كيفية أن تصبح فناناً حقيقياً تجعل كل الناس تستمع لك باحترام وتقدير، بدلاً من أن يشيح الناس بأياديهم حال صعودكم المسرح..و…. الغريب (أنكم تصعدون بقدمين).!!
شربكة أخيرة:
مثل (أنس) ومن ماثله من المعاقين في الإبداع يحتاجون إلى تكريم يا أهل الفن والثقافة في هذه البلاد، أرجوكم، اتخذوا ولو لمرة واحدة موقفاً استثنائياً وكرموا هؤلاء المبدعين الذين يقابلون الابتلاءات بالفرح، كرموهم واتركوا (تكريمات العلاقات العامة) التي تخصم كثيراً من رصيد ومصداقية الفن في هذه البلاد
[/JUSTIFY]

الشربكا يحلها – احمد دندش
صحيفة السوداني