مقالات متنوعة

عذرا.. الأمن القومي!

عذرا.. الأمن القومي!
استيعاب مفهوم الأمن القومي في السودان، إحساسٌ يختلف من شخص لآخر، وتقدير يتفاوت من سلطة لأخرى.. من منا كان يعتقد أن تمر وقفة د. محمد علي الجزولي لمناصرة تنظيم داعش مرور الكرام؟ تنظيم مسلح يوصف بالإرهابي يتبنى الفكر السلفي الجهادي، يمتد بين العراق وسوريا، لا يختلف في طريقة تفكيره عن الجبهة الثورية والحركات المسلحة، يحمل السلاح لينشر أفكاره ويطبق مفاهيمه.
السلطات التي تحتاط للمسيرات الاحتجاجية أو حتى للوقفات السلمية، وتطلب إذنا مسبقا لتسييرها، تركت الجزولي يقيم وقفته الاحتجاجية.. وليس في الأمر غضاضة، طالما أنه عبر عن آرائه بطريقة حضارية، إنما تكمن الأزمة في السماح له ومنع الآخرين الذين يحملون آراءً مغايرة.!
ما بين مصر والسودان الكثير الذي يحكى والقليل الذي تتم مداراته تحت الستار، ومع ذلك تركت الحكومة بعض أئمة المساجد كحسن رزق، ينتقدون الزيارة ويعلنون سلبياتها متجاهلين إيجابياتها، وسمحت السلطات لمناصري الرئيس الأسبق محمد مرسي بأن يحملوا لافتاتهم (المحتجة) على زيارة السيسي، والمطالبة بإعادة شرعية مرسي مجددا إلى الحكم.!
ورغم أن المطلب أكثر من خيالي، وفي الوقفة تشويش على شكل الزيارة، لكن ليس في الأمر غضاضة، لا لأن العلاقات ما زالت متوترة، الأمر الذي يتطلب إظهار بعض الرسائل السالبة في وجه السيسي وحكومته، لكن لأن الجميع عبروا بطريقة سلمية وديمقراطية كافلين لأنفسهم حرية التعبير.. إنما المحير، أن تحجر السلطات على آخرين الإعراب عن مشاعرهم ومواقفهم حول القضايا بحجة الأمن القومي.!
تهديد الأمن القومي، لا يتمثل في تصريحات تأتي من جبريل إبراهيم أو عبدالواحد محمد نور، ولا تتمثل بصورة لياسر عرمان تنشر في الصحف.. الأمن القومي، لا يتعلق بمصلحة أفراد أو الحصول على وثائق تخصهم، ولا يعني كشف فساد مجموعة من الناس أو تجاوزات ارتكبتها بعض الجهات..
الأمن القومي يتعلق بكل ما يهدد ويمس السودان ويعرض مصالحه للخطر.. عدم التعامل بحكمة مع قضية المواطنة السودانية المتهمة بالردة والمبرأة منها، هو تهديد للأمن القومي.!

(مريم- أبرار)
لم أمِل إلى تصديق قصة معينة حول قضية (مريم) أو (أبرار).. كنت ومازلت أرى أن دورنا في الصحافة كان يتمثل بالدرجة الأولى في الوصول إلى حقيقة القصة وليس الدفاع إن كانت الفتاة مسلمة وبدلت ديانتها أو أنها مسيحية من الأساس.
ستظل هذه القصة درسا نتعلم منه جميعنا.. استغربت جدا حينما أعاب البعض على السلطات احتجاز المواطنة في المطار ومنعها من السفر بحجة عدم اكتمال أوراقها.. وهل تسمح دولة في العالم بأن يسافر أحد مواطنيها بمستندات مزورة أو ناقصة؟ ولماذا تسمح الحكومة بذلك؟ أليس قانون جميع الدول يحاسب مرتكبي هذه الجرائم؟.
كانت إجابة البعض أن الفتاة مهددة بالقتل من قبل أسرتها أو الجماعات المتطرفة، وأن سرعة سفرها لن يعرضها لهذا النوع من التهديد.. لكن ألا تستطيع الدولة توفير الحماية لها؟ ألا تعلم أن هذا من صميم واجبها ودورها؟ أليس وقوع هذا التهديد من شأنه أن يعيد السودان إلى العصور الأولى؟.
إن كانت السلطات تضع في حسبانها مساوئ مسيرة احتجاجية، ألا تضع في حسبانها كارثة هذا السيناريو الأليم؟!.
خيرا فعلت السلطات بأن منعتها من السفر إلى أن تكمل وثائقها، وجيد أن تسمح لها بالمغادرة متى ما اكتملت وثائقها.
إلى الآن، ستظل المواطنة، اسمها (مريم) و (أبرار).. وحتى الآن مازالت الحقيقة خافية، والقصص كثيرة..
إن كانت مسلمة وبدلت ديانتها فهذه قناعتها.. وإن كانت مسيحية من الأساس فهي ديانتها، وفي الحالتين، هو أمر يعني المرء وربه جل وعلا.
لكن ما يعنينا الوصول للقصة الحقيقية.!

الكاتب : لينا يعقوب
لأجل الكلمة – صحيفة السوداني