تحقيقات وتقارير

اللاجئات بمعسكر تشاد .. مسألة مستعجلة

تظل المرأة في مناطق النزاعات والحروب تعاني الأمرين.. فهي تواجه التشرد والتشتت وتفكك الأسرة بسبب فقد الزوج والعائل ثم أنها تتحمل تبعات إعالة الأسرة وتوفير احتياجات الحياة.. إضافة الى أنها – في الغالب – تواجه شبح التحرش والاعتداء والاغتصاب.
المرأة في دارفور عانت من تلك المشكلات مما جعل الكثيرات يضطررن للنزوح واللجوء للدول المجاورة بحثاً عن مأوى آمن لأسرهن ويحميهن من الاعتداءات. ولكن أصبح حال هؤلاء النسوة كالمستجير من الرمضاء بالنار حيث أكد تقرير أعلنت من خلاله منظمة العفو الدولية أن النساء اللائي هربن من ويلات النزاع في دارفور يتعرضن بشكل منتظم لاغتصاب في مخيمات اللاجئين في تشاد على الرغم من وجود قوات دربتها الأمم المتحدة.. وأن الشرطة التشادية المدعومة من الأمم المتحدة لم تفعل شيئاً لحماية النساء والفتيات من الاعتداءات الجنسية وأعمال العنف من قبل قرويين وجنود وموظفي الإغاثة.
الآن الأمر يستدعي التدخل السريع لإنقاذ هؤلاء النساء. عقد مركز المرأة لحقوق الإنسان منبراً حول حقيقة أوضاع المرأة بمعسكرات النزوح واللجوء وفرص العودة ناقش خلالها وضع النساء بتلك المعسكرات وأجمع المتحدثون على أهمية العودة من المعسكرات الى المناطق الأصلية.
الطيب هارون المحامي مدير منظمة إسناد لتقديم العون القانوني أكد في تعليقه على تقرير منظمة العفو الدولية أن النساء والأطفال كثيراً ما يتعرضون للخطر والاختطاف من منظمات أجنبية من داخل معسكرات النازحين، وأن هذه المعسكرات كثيراً ما تستغل للتجنيد القسري للأطفال والزج بهم في أتون الحرب. وأحداث أمدرمان التي أُستغل فيها الأطفال ليست ببعيدة عن الإذهان.. ثم أن الاختطاف الذي تعرض له عدد كبير من الأطفال من قبل منظمة فرنسية كان من داخل المعسكرات عبر تشاد وكيف أن المحكمة أدانت المنظمة وحكمت على المتهمين بثماني سنوات سجناً وغرامة حوالى (08) ألف دولار لكل طفل ولكن بتدخلات سياسية بين فرنسا وتشاد تم نقل المدانيين الى فرنسا بحجة محاكمتهم هناك، ولكن لم يتم تنفيذ العقوبة وتم تعويض أطفال تشاد وأسقط التعويض عن أطفال السودان.
وقال إن ذات السيناريو يتكرر الآن حيث تعرضت أكثر من (241) امرأة وفتاة للاغتصاب داخل وخارج معسكرات اللجوء بتشاد بينما تقول السلطات التشادية أن ليس لديها صلاحيات لدخول المعسكرات في حين أن النساء يتعرضن للاغتصاب خارج المعسكرات. وقال إن هذا الأمر خطير وانتهاك صارخ لابد من التحقيق فيه طالما أن الأمم المتحدة تشرف على تلك المعسكرات.
ونبه الى أهمية أن تقوم منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية والوطنية بدورها لإىقاف مثل هذه الإنتهاكات.
إزاء هذه الأحداث فقد أكد المتحدثون والمشاركون في المنبر أهمية الاتجاه نحو تعزيز العودة الطوعية للنازحين لمناطقهم. وفي هذا الاتجاه اكدت سعاد عبدالعال مديرة مركز المرأة لحقوق الإنسان أهمية ان يتدارس الجميع الأدوات والآليات التي تساعد على العودة الطوعية للنازحين وجذبهم الى مناطقهم، ولابد للمنظمات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني ان يكون لها دور فاعل في ذلك لأننا خضنا تجربة المساعدات الأجنبية والمنظمات الدولية وكانت لها أجندتها التي تضررنا منها كثيراً.
بينما أشارت سامية محمد صالح حرم والي ولاية شمال دارفور بأنه رغم أن مشكلة دارفور في طريقها للحل لكن طالما أن هناك نساء بالمعسكرات فستبقى المشكلة قائمة، لذلك فالجهود تتجه نحو العمل على العودة الطوعية وتوفير أساسيات الحياة وبسط هيبة الدولة.
وذكرت أن بعض النساء راقت لهن الحياة داخل المعسكرات بعد أن توافرت لهن مقومات المعيشة بل أصبحن يبحثن عن وسائل التجميل من كريمات ومكياج.. لذلك ستقوم الدولة بتمليكهن قطع أراض داخل المعسكرات وتساعدهن في بنائها لأنهن لا يستطعن العودة لديارهن مرة اخرى.
بينما أبانت شادية الأمين مديرة المركز بدارفور أن المركز يسعى دائماً لمساعدة النساء هناك، وتصحيح المعلومات المغلوطة التي يروج لها الإعلام المضاد الذي يسهم بقدر كبير في تحجيم برنامج العودة الطوعية. وأشارت الى جهود المركز مع المنظمات الأخرى لتحسين الأوضاع المعيشية للنساء النازحات بتمليكهن وسائل إنتاج ومشاريع التمويل الأصغر.
وعلى الرغم من أن مشكلة دارفور تتجه بخطوات سريعة نحو الحل، إلا أنه يبقى أمر معالجة أوضاع النساء داخل المعسكرات قضية مهمة والعودة الى ديارهن في غاية الأهمية.. والأمر الأهم إجراء تحقيق سريع في قضية الإعتداءات التي تتعرض لها النساء بمعسكرات تشاد.
سامية علي :الراي العام