روسيا البيضاء.. تجربة تستحق
< العاصمة البيلاروسية مينسك وتعني باللغة المحلية المقايضة، أنيقة خضراء لامعة، تمتد على مد البصر البراري والمساحات الخضراء من مطارها حتى وسط المدنية، الطراز السوفيتي في البنيات والعمران واضح لا تخطئه عين، وملامح الانتعاش الاقتصادي والتطور الهائل في النهضة الحديثة تسيطر على مدينة كانت في الحقب السابقة تعيش تحت الظل السوفيتي، ولما وجدت استقلالها انطلقت بلا توقف لتكون واحدة من أسرع دول أوروبا الشرقية في معدلات النمو الاقتصادي، وانفتاحها التجاري على دول العالم المختلفة وتفوقها الصناعي خاصة في الصناعات الثقيلة والعسكرية والمعدات الزراعية وتميزها بإنتاج القمح. < وبالرغم من أن الأزمة الأوكرانية تؤرقها لجوارها من الشمال الشرقي لروسيا ومن الشرق أوكرانيا، إلا أن الأوضاع في هذه الدولة المغلقة في شرق أوروبا مستقرة وصاعدة بقوة للأمام، كما يقول أبو ذر الريح أحد أبرز الوجوه السودانية المقيمة في العاصمة مينسك وناشط في المجالات التجارية والسياسية، ولحظة وصولنا لم يتلاش مشهد مؤثر لشعب روسيا البيضاء وهم يتحفلون بعيدهم الوطني الذي شاركهم فيه الرئيس الروسي فلادمير بوتين، ومازالت الساحات والشوارع الفسيحة والبنايات الضخمة والحدائق والميادين ممتلئة بالأعلام ومظاهر الاحتفالات الكبرى. < وصلنا إلى مينسك ظهر أمس، وفد يقوده د. عيسى بشرى نائب رئيس البرلمان ووزير الزراعة المهندس إبراهيم محمود حامد «د. مصطفى عثمان وزير الزراعة سيلحق بالوفد اليوم قادماً من القاهرة»، ورئيس لجنة الزراعة والإنتاج الحيواني بالبرلمان د. حبيب أحمد مختوم، وعبد القادر الأمين العام للمجلس الوطني وبروفيسور فتحي أحمد رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي، وصلاح حسن مدير عام البنك، ورجال أعمال يمثلون القطاع الخاص. < استقبلنا في مطار مينسك نائب وزير الخارجية ري باكوف ووفد يمثل البرلمان البيلاروسي والبيت السوداني البيلاروسي، ري ماكوف نائب وزير الخارجية قال لدى استقبال الوفد: «إن بيلاروسيا حريصة على تنمية وتطوير علاقتها بالسودان، وظلت تنتظر مثل هذه الخطوة لبدء مرحلة عملية في مسار العلاقة، والسودان بلد مهم في إفريقيا، وحان الوقت لتكوين لجان مشتركة بين البلدين وتبادل الزيارات وفتح السفارات»، مشيراً إلى أن هناك صادرات من بلاده للسودان تتمثل في الجرارات وبعض المعدات الزراعية. < ومن جانبه حيَّا د. عيسى بشرى قيادة وشعب بيلاروسيا، وهنأهم بالعيد الوطني، وقال إن الزيارة تهدف إلى ترقية وتطوير العلاقات الاقتصادية والاستفادة من تجربة روسيا البيضاء في النهضة الزراعية والصناعية، وأضاف أن الوفد الكبير الذي وصل يحمل رسالة من الرئيس البشير للرئيس البيلاروسي، ويناقش القضايا السياسية والاقتصادية وسبل تعزيز العلاقات وتطويرها في ما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الصديقين. < اللافت في العاصمة البيلاروسية أن نبضها السياسي بقضايا محيطها القاري في أوروبا وما يحدث في أوكرانيا وتوازن علاقاتها مع روسيا والغرب عالٍ جداً، وكذلك الاهتمام الكبير بالتواصل مع القارة الإفريقية وبلدانها وفي مقدمتها السودان، ولا يخفى على أحد أن علاقة الغرب والولايات المتحدة الأمريكية مع روسيا البيضاء لم تكن على يرام في كل الأحوال نسبة لما يحسبونه هنا تدخلاً أمريكياً يحدث باستمرار في الشؤون الداخلية البيلاروسية، وينضح ذلك في أحاديث المرافقين وفي الفندق الذي نقيم فيه وبعض مضيفينا خلال الساعات القليلة التي قضيناها هنا في زيارة تمتد لأيام. < وينظر السودان وتسعى الحكومة خاصة وزارة الزراعة والبنك الزراعي السوداني إلى تمتين العرى والصلات مع هذه الدولة الرائدة في المجال الزراعي ومجالات التصنيع الزراعي والتقانة الزراعية، وتشهد بيلاروسيا تقدماً هائلاً في هذا المجال، ويتوقع أن يتم توقيع عدة اتفاقيات وإبرام تعاهدات بين الجانبين تعود بالنفع على السودان والاستفادة من هذه الدولة التي استطاعت تطوير قدراتها وإمكاناتها وإنتاجها حتى صارت عضواً فاعلاً في المجموعة الاقتصادية الأوروبية الآسيوية، وأغنى الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق، إضافة لشراكتها مع دول كبرى في مقدمتها روسيا. [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة