مزمل ابو القاسم

عزائم الحوار الوطني

عزائم الحوار الوطني
[JUSTIFY]

* ورد في المقال الذي كتبه البروف إبراهيم أحمد غندور ونشرته (اليوم التالي) مع زميلتها (السوداني) ما يلي: “قدرنا ولاعتبارات ثقتنا في أن (بيت الشورة ما بخرب) وأن نصف رأيك عند أخيك.. أن نمد للآخرين سهمهم، بكامل ومطلق يقين بأنهم سيشكلون إضافة حقيقية، ومنجزة للمشروع الوطني والهموم العامة، وهكذا كان خطاب الوثبة ودعوته، وللأمانة وإحقاقاً للحق، فقد أبدت القوى الوطنية الحزبية ولا تزال حرصاً على أمر الحوار وتقبلت بقبول حسن الدعوة والمشروع والرؤية، إلا قلة لا زلنا نتطلع أن تأتي إلى موكب أهل السودان القادم بإذن الله”.

* حديث جميل في مظهره، نفيس في مخبره، يستحق أن نتوقف عنده بحثاً وتمحيصاً، ونقول لغندور إن أهل السودان كلهم تفاءلوا بدعوة الرئيس للحوار الوطني، ورأوا فيها مخرجاً واسعاً للوطن من أزماته، وملجأ له من نزاعاتٍ استطالت حتى أسالت دماً عزيزاً، وسلبت أرواحاً كريمةً، وزرعت الحزن في كل ربوعه الجميلة.

* أحسن غندور اختيار عنوان مقاله حين انتقى له (عزائم الحوار الوطني وموجبات السلام)، ونظن أنه كتبه بقلب الصادق، ومداد المشفق، الراغب في معالجة إشكالات الوطن بالحسنى.

* عندما ألقى الرئيس خطاب الوثبة وأردفه بالدعوة إلى لقاء المائدة المستديرة، وقرنه بتوجيهاتٍ كريمة قضت بإطلاق حرية العمل السياسي، وتعزيز حرية الصحافة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ودعوة الحركات المسلحة لحوار الداخل مع توفير الضمانات اللازمة لها كي ترمي بسهمها مع الراغبين في السلام، كانت الدعوة تستلزم من أجهزة الحزب الحاكم التي يشرف عليها غندور فعلياً- أن تتحرك بكل قوتها لتحويل توجيهات الرئيس إلى عمل.

* كان عليها أن تحرص ما استطاعت على تعزيز حرية الصحافة، فهل عززتها؟

* كان من أوجب واجباتها أن تحرص على ترغيب الحركات المسلحة في تلبية الدعوة، وتبذل لها الضمانات كي تأتي طوعاً للمشاركة في الحوار، وتتواصل معها لتصل إلى نقطة التقاء، تدفع حاملي السلاح إلى وضعه جانباً لبرهةٍ يصمت فيها صوت الرصاص، ويسود فيها صوت العقل، فهل فعلت؟

* هل بذلت أي مجهود لتهدئة روع المتشككين وطمأنة المتخوفين من أن يكون الأمر كله مجرد (تكتكة سياسية) يستهدف بها الحزب الحاكم كسب الوقت بلوغاً للموعد المضروب للانتخابات؟

* هل أفرغت السجون من المعتقلين السياسيين ولم تضف إليها زواراً جدداً؟

* هل منحت (عزائم الحوار) حقها كاملاً؟

* نترك الإجابة للبروف، ونعلم أنه حصيف بما يكفي للإجابة عن أسئلتنا بضميرٍ حي، لا ينقصه بتاتاً.

* الناظر إلى ساحة الحوار سيرى بوضوح أن معظم القوى السياسية المؤثرة إما بعيدة عن مداراته، أو رافضة للولوج إلى ساحته، بأسانيد لا تخلو من منطق قوي.

* الخارجون من ساحة الحوار أكثر من الوافدين إليها، والبعيدون عنها أكثر من القريبين لها.

* ما يجري حالياً لن ينتج جديداً مفيداً للوطن، لأن الواقع يشير إلى أن الحكومة ستحاور نفسها، وأنها ستجلس مع المتحالفين معها أصلاً، ما خلا إخوان الأمس طبعاً.

* غني عن القول أن أي حوارٍ لا ينتج سلاماً شاملاً ووقفاً كاملاً للحرب المندلعة في بعض ربوع الوطن لا يعدو أن يكون مجرد إهدارٍ للوقتٍ، وفعلاً لا طائل من ورائه، إلا المزيد من الشقاق والاحتراب.

* امنحوا عزائم الحوار حقها كاملاً يا بروف، إذا نجحتم فسيشهد لكم التاريخ أنكم حقنتم دماء أهل السودان، وصنتم وحدته، وإذا فشلتم فستنالون أجر المجتهد، وسيشهد لكم الجميع أنكم سعيتم، وما وفقتم.

* هلا فعلتم؟

[/JUSTIFY]

مزمل ابو القاسم – للعطر إفتضاح
صحيفة اليوم التالي