الحوار مع من ولماذا؟!
< تأجل لقاء السيد رئيس الجمهورية مع آلية الحوار الوطني «7+7» الذي كان مقرراً له اليوم الأربعاء إلى مطلع الأسبوع المقبل، وهو لقاء مهم يقرر مصير عملية الحوار ويعرف من نتائجه من يركب السفينة ومن يعتصم بجبل الخلاف والامتناع.. وبغير خطوات ملموسة وجدية وتنزيل فوري للشعارات التي رفعت إلى أرض الواقع، لن يكون هناك أي هدف يمكن تحقيقه من عملية الحوار برمتها، وسيكون من الصعب للغاية تلافي حالة الشقاق السياسي بين الفرقاء السودانيين في حال بقيت الخطوات متباعدة والنفوس صابئة. < ومن الضروري للغاية أن يتأسس الحوار الوطني على مفاهيم وأفكار واضحة، أهمها كيفية إدارة الحوار نفسه وتجنبيه الزلل والخطل الذي يصيب كثيراً من المبادرات الوطنية، فالقوى والأحزاب المشاركة في الحكم والمعارضة المنخرطة في الحوار الوطني مطالبة بتأكيد رغبتها الصادقة في الوصول بالحوار إلى غاياته التي تنعكس مباشرة على الأمن والاستقرار في هذا البلد، وتفتح الطريق أمام تراضٍ عام وتداول سلمي للسلطة. < والمطمئن أن الحوار ليس مقصوراً على القوى السياسية والمشتغلين بساس يوس، إنما فتحت المشاركة فيه للقوى الاجتماعية عبر منظمات المجتمع المدني الفاعلة والقطاع الأكاديمي والشباب والمرأة والرموز الوطنية، فهذه هي القوى الحيَّة في المجتمع، ويمكنها أن تخفف من غلواء السياسة في الحوار ليبدأ حوار وطني يستوعب جميع الآراء والأفكار والتوجهات، ونحن نعايش الظروف والأوضاع التي أفسدت فيها السياسة العمل العام في كل مجالاته، وجعلت الكثير من الصالحين والصادقين وأصحاب العقول النيرة والنوايا الحسنة ينأون بأنفسهم عن ساحة العمل العام، عندما وجدوا السياسي يطغى على كل شيء ويحيله إلى مستنقع آسن. < وقد حان الوقت ليكون العمل العام والحوار حول قضايا الوطن متاحين للجميع ولا يستفرد بهما أهل السياسة وحدهم، فالقضايا التي تحددت في خطاب الوثبة وخطاب السادس من أبريل الماضي اللذين قدمهما السيد رئيس الجمهورية وطرح فيهما مبادرة الحوار الوطني، هي قضايا تهم كل السودانيين، وعدد مقدر منهم لا يهتمون بممارسة العمل السياسي ولم يتلطخوا بها، وهؤلاء لديهم ما يمكن أن يقولوه ويفعلوه لو وجدوا الفرصة للمساهمة الوطنية عبر الحوار. < ومع الاطمئنان إلى ذلك، فإن الخشية تظلل النفوس وتغشى القلوب، بأن تحاول القيادات الحزبية جعل الحوار حصرياً عليها وتحاول التحكم في مجراه ومساره، فكل المطروح الآن وحتى الآلية تتمحور وتتكون من السياسيين فقط، وقد يكون هذا هو مقتضى الحال الراهن باعتبار أن الأزمة سياسية لا بد أن يتصدى لها من يبري الأقواس!! < وحسب المتوقع فإنه في حال التئام لقاء الرئيس بـ «7+7»، ستكون هناك بالفعل خطوات عملية مهمة، منها أن الحوار لا بد أن يحدد زمانه ومكانه ولجانه وهياكله، وينتظر أن تكون هناك أمانة عامة للحوار لتدير شؤونه تقوم عليها شخصيات وطنية تحظى بتقدير واحترام الجميع، يكون من واجبها وضع أجندة وموضوعات ومحاور الحوار تمهيداً لمؤتمر عام تتوسع فيه قاعدة المشاركة لإدارة حوار حر وصريح حول كل القضايا الوطنية التي شملتها مبادرة الرئيس، وبعدها تتكون لجان للحوار من جميع من شارك وارتضى الحوار، لتناقش الموضوعات والمحاور وتتوصل لنتائج واضحة حيالها تقود البلاد إلى الضفة الأخرى كما نتمنى ونطمح. < ومن غير اللائق إذن أن تكون هناك أية جهات تسعى لعرقلة هذه الفرصة الوحيدة المتاحة للسودانيين بأن يلتقوا ويتفقوا وينتشلوا بلادهم من هاوية الانقسامات والشقاق والخلاف، ويتطلب ذلك شجاعة وطنية من كل الأطراف، وتوجهاً صادقاً وأميناً بلا مزايدات ومحاولات للتربح السياسي من هذه العملية الوطنية. [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة