قانون الإستفتاء.. ممنوع هناك اللمس
منذ وقت مبكر بدأ الحديث حول قانون الاستفتاء في تصريحات وردت هنا وهنالك تؤكد اهمية القانون بالنسبة للحركة الشعبية وتؤكد في نفس الوقت الخلاف الكبير بين الشريكين في تناول قضية مشروع قانون الاستفتاء، وعلى الرغم من تصريحات قيادات الحركة الشعبية التي تحاول ان تعكس حالة تصالح كبير مع الشريك في السلطة واتفاق المصالحة الوطنية (نيفاشا) الا ان الشواهد كلها تتجه الى ان الشريكين في اتجاههما الى ادارة معركة جديدة في سياق تنفيذ بنود نيفاشا المتعثرة ،ويبدو ان ميدان المعركة القادم هو ( قانون الاستفتاء ) ولعل مما يسعر نيران تلك المعركة تصريحات احمد ابراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني عندما قال اول امس إن صبر المجلس الوطني قد نفد ازاء انتظار اتفاق القوى السياسية على قانون الاستفتاء، وهدد بإيداع مشروع القانون في حال الاختلاف بين الشريكين حول المسودة النهائية الامر الذي اثار حفيظة الحركة الشعبية التي سارعت بالرد على الطاهر على لسان نائب الامين العام للحركة القائد ياسر عرمان عندما اعتبر ان رئيس البرلمان لا يستطيع الاتيان بقانون استفتاء دون اتفاق مع الحركة ورضا من أهل الجنوب . الحركة الشعبية هددت من جانبها بالتصعيد عندما اعلنت ان قانون الاستفتاء بمثابة الخط الاحمر وذلك عندما حددت الهيئة البرلمانية للحركة الشعبية، السبت المقبل موعدا نهائيا لحسم مشاركتها في الدورة البرلمانية الجديدة ومناقشة قانون الامن ، محذرة من استخدام الاغلبية الميكانيكية في اجازة قانون الاستفتاء او المبادرة بقانون من داخل المجلس الوطني ،معتبرة القانون خطا احمر. وقال ياسر عرمان ان مشاورات ستنطلق يوم السبت المقبل للخروج بقرار نهائي بشأن مشاركة كتلة الحركة في الدورة البرلمانية الحالية وقال رئيس الهيئة البرلمانية للحركة، ياسر عرمان، في تصريحات ان حديث رئيس المجلس الوطني بشأن قانون الاستفتاء والتلميح بإيجاد قانون من داخل المجلس الوطني يصب كثيرا من الزيت على النار، واكد ان المجلس الوطني لا يملك الحق في اجازة قانون الاستفتاء بالأغلبية،واضاف (إن حدث هذا فإنه سيكون خروجاً على اتفاقية السلام الشامل والدستور، وسنرد عليه بما يستحق وبحسم لا يطاله شك أو تردد لاسيما وان القانون كبير ويمثل أحد أسباب الحرب) واضاف «وهو قضية أكبر من وجود البرلمان ومطروحة منذ أغسطس 1955 ،ولا يجوز التلاعب بها» ولوح عرمان بالحسم في حال نفذ رئيس المجلس الوطني تهديده واعتبر الخطوة إن حدثت خروجاً عن الاتفاقية والدستور، وزاد في تصريحات امس الاول ان أى خروج سيكون الرد عليه بحسم .
وعلى الرغم من تهديد رئيس المجلس الوطني ذاك الا ان المؤتمر الوطني اعلن امس استعداده للحوار حول النقاط الخلافية بمشروع قانون الاستفتاء عبر الحوار مع الحركة الشعبية واحزاب حكومة الوحدة الوطنية وحتى احزاب المعارضة .وقال ابراهيم غندور امين التعبئة والاتصالات بالوطني ان حزبه منفتح للحوار مع القوى السياسية كافة حول النقاط الخلافية بمشروع قانون الاستفتاءباعتباره يهم كل السودانيين ، مبررا حديث رئيس المجلس الوطني بتعجل القوى السياسية لطرح رؤيتها ، ومن جهتها فان الحركة الشعبية وعلى لسان رئيس الحركة سلفاكير ميارديت رفضت الاحاديث التي ترددت حول فشل الحوار بين الشريكين فيما يتعلق بقانون الاستفتاء وقال سلفا إنهم لم يفشلوا بالكامل وان هنالك محاولات مؤكدا استمرار عمل اللجان المشتركة لحسم النقاط الخلافية
وعلى الرغم من حديث رئيس الحركة الشعبية فان كل الشواهد تشير الى ان الحركة لن تتساهل في هذا المضمار ولن تقدم على تقديم تنازلات كتلك التي حدثت عند اجازة القوانين السابقة مثل قوانين الاحزاب والانتخابات. وفي تصريحات صحافية في وقت سابق حذّر باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية ، المؤتمر الوطني من تفويض حقوق شعب الجنوب وحرمانهم من ممارسة حق تقرير المصير ، وقال ان الوطني يلعب بالنار اذا اقدم على ذلك ، وأضاف بأن تفويض الحقوق سيجعل الجنوبيين يستخدمون الوسائل كافة التي تمكنهم من التعبير عن آرائهم في الاختيار بين الوحدة والانفصال . واتهم أموم المؤتمر بالتكلؤ في تنفيذ إتفاقية السلام من أجل تعطيل قيام الانتخابات ، وممارسة حق المشورة الشعبية لجنوب النيل الازرق وجبال النوبة والاستفتاء لمنطقة أبيي ، وأكد بأن الحركة لن تسمح بذلك وستعمل على ضمان تأمين ممارسة هذه الحقوق وحمايتها . ووصف تصريحات أحمد ابراهيم الطاهر رئيس البرلمان حول قانون الاستفتاء . بأنها تعبير عن ما وصفه بالعقلية الاقصائية للمؤتمر الوطني التي تعمل على إنكار حقوق الآخرين وأشار الى ان الوطني وقيادته يدعوان الى وحدة تستهدف التوحد مع موارد الإقليم الجنوبي وليس شعبه ويبدو أن الحركة الشعبية تظهر اهتماما أكبر بقانون الاستفتاء على تقرير المصير دون سواه من القوانين الاخرى وظهر ذلك جليا في جميع القوانين التي اجيزت وعلى رأسها قوانين الانتخابات والاحزاب خاصة عندما ذكرت الحركة الشعبية انها قد مررت قانون الانتخابات برغم تشوهاته وعدم انسجامه مع الدستور للحفاظ على الشراكة ، غير ان مسلك الحركة ذلك فيما يبدو سيتغير لدى مرحلة قانون الاستفتاء الذي يلقى اهتماما من كل القوى الجنوبية ويدلل على ذلك التصريحات القوية للام اكول عندما اتهم جهات لم يسمها بالعمل على تأجيل الانتخابات من اجل تأخير عملية الاستفتاء لحق تقرير المصير، وحمل الشريكين مسؤولية تحقيق الوحدة الجاذبة.
وقال الدكتورلام اكول خلال ندوة عقدت بطيبة برس قبل اسابيع مضت إن البعض لديهم «وهم» بأن تأجيل الانتخابات سيؤدي الى تأجيل الاستفتاء لحق تقرير المصير، ورأى أن مثل هذه (الأوهام) تعتمد على أرضية ضعيفة، وشدد على أن عملية تقرير المصير يجب أن تجرى في اطار حكومة منتخبة، داعيا كافة القوى السياسية الى الاصرار على قيام الانتخابات في موعدها المعلن. وعلى الرغم من ان المتحدث باسم الحركة في نفس الندوة وصف ماذكره لام اكول بكلمة الحق التي يراد بها باطلا الا انه لم يملك غير الاتفاق مع ماذكره اكول. وفي وقت سابق اعرب الامين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان اموم عن مخاوفه من عدم تمكن المجلس الوطني خلال دورة المجلس السابقة من إجازة قانون الإستفتاء على حق تقرير المصير، وقال ان الحركة كانت قد قدمت مسودة لقانون الاستفتاء للمؤتمر الوطنى منذ سبتمبر الماضى ولم يجز القانون حتى الآن معربا عن خشيته ان تكون هذه بداية لخلاف كبير و نقطة إنفجار ما بين المؤتمر الوطنى و الحركة الشعبية. وبالطبع فإن نقطة الانفجار التي قصدها باقان هي قانون الاستفتاء ومحاولات التأجيل لمجمل عملية الاستفتاء وتقرير المصير وفي الاسبوع الماضي شدد باقان في تصريحات صحافية على ضرورة إجازة قانون الاستفتاء قبل نهاية العام.
علاءالدين محمود :الصحافة