لبنى عثمان

كلمة.. أُحبك


[JUSTIFY]
كلمة.. أُحبك

يدور سيناريو هذا الحديث عادة في كثير من الأحيان “تصورتك الدنيا كلها.. غدوتِ بالنسبة إليَّ أقرب الأشياء.. وسكنتي مهجة قلبي.. وأصبح حديثك هو المعنى الذي يبقى في قلبي”.
ويستمر الحوار عندما تستطرد هي “أشعر أني أرتاح إليك.. واعتقد أننا أخذنا على بعض بسرعة”.
ويستطرد هو قائلاً: “أنا أفكر فيك طوال الوقت”، وتسأله هي: “وماهي طبيعة علاقتنا؟”، ويجيبها هو بسؤال: “هل تعتقدين أنه الحب؟”، فتأخذ نفساً عميقاً وتغمض عينيها وتداعب وجهها ابتسامة حالمة، ثم تقول: “لا أعرف!!”، فيصمت قليلا حتى يتلذذ بصدى خجلها وما خلفته تنهيداتها من كهرباء في جسمه، ثم يقول لها وهو منتشٍ “أنا أحبك”.
إن هذا السيناريو يكون أبطاله اثنان من الشباب ويبدأ عندما يتبادلان الاتصالات فيما بينهما، وأحيانا تبدأ القصة برسائل قصيرة.. عندما تتصل به أو يتصل بها.. ولا يكادان يكملان ثلاث مكالمات حتى يعتادان على بعضهما وتنشأ علاقة فيما بينهما..
إلى أي درجة هما صادقان في مشاعرهما؟ الله أعلم.. هل هي تخطط للزواج.. وهذا الشاب قد يكون الصيد المنتظر بعد أن فشلت محاولاتها مع الآخرين قبله؟ الله أعلم.. هل هو يشعر بانجراف بريء نحوها.. وبأن حبها بدأ يدب في قلبه.. أم أنها مجرد (ضحية سهلة) أخرى وبعد أن يقضي وطره منها سيتركها ويتهرب، ولن يرد على اتصالاتها ورسائلها كما فعل مع أخريات قبلها؟ الله أعلم.. هل هي تتسلى وتقضي وقتا ممتعا على الهاتف أولاً ثم ستطور العلاقه إلى الخروج معه من أجل مصلحة مادية ونفسية أم أنها لاتفكر إلا في إيقاعه في شباكها ثم إعطائه رقم أبيها أو أخيها حتى يتم كل شيء بالحلال, وأهلها طبعا لايدرون عن تلك الطبخة.. فهل يا ترى هي تريد علاقة المصلحة العابرة أو تريد الزواج؟ الله أعلم..
وبغض النظر عما يريد الشاب والشابة والهدف أو الأهداف التي يقصدانها من وراء هذه العلاقة إلا أنهما يجب أن يكونا حريصين وصادقين ومخلصين حتى ينطقان بكلمة (أحبك)، فهذه الكلمة لها معان كبيرة وتترتب على نطقها التزامات كثيرة.. فأول معانيها تسليم القلب والروح لحبيب واحد ولا أحد سواه, فإن كان هناك شخص آخر, فهذا ليس حباً بل هو (مهلة) لتمتضية الوقت.. فمن يقول لفتاتين في نفس الوقت “أحبك” هذا لعاب يريد ىأن يتسلى، وكذلك الفتاة التي تقول لشابين: “أحبك”، فهذه أيضا لعابة تريد أن تتسلى، وأن لها أهدافاً أخرى غير الحب الشريف الطاهر..
كلمة (أحبك) تعني الطهارة والصدق والوضوح والإيثار والتضحية.. وعلينا حين ننطقها أن نعرف ما هي تبعاتها والتزاماتها.
فحين تقول لفتاة “أحبك” فهذا يعني “أنك وهبتها حياتك بكل تفاصيلها وجزيئاتها.. يعني أنها أصبحت شريكة الروح، يعني أن الخطوط والحواجز والعقبات والصعاب قد تلاشت بين روحيكما.. يعني أنك أعطيتها كلمة شرف ووعداً صادقاً وعهداً وثيقاً على عدم الخيانة وعدم اللف والدوران، وأنك صرت هي.. حين تفرح هي تفرح أنت وحين تحزن هي تحزن أنت وحين تقلق هي تقلق أنت، يعني أنك منذ نطقت بهذه الكلمة أصبحت هي مصدر سعادة لك، وأنك ستبذل قصارى جهدك على جعلها سعيدة.. وأنك لن تتخلى عنها إلا بالموت لا قدَّر الله، أو بسبب قاهر أقوى منها ومنك، ويبقى أنك ستحافظ عليها ولن تمسكها إلا بالحلال.. هذا فقط بعض ما تعنيه كلمة أحبك..
إن معظم شُبان وشابات هذه الأيام من رواد (قارعة النت)، وبالأخص الشبان، فإنهم لا يضيعون الوقت وحين يقول أحدهم (أحبك)، فهذا الكلمة تعني.. الجنس.. بأسرع وقت على الهاتف أم في الواقع.. والحلال أبعد ما يكون عنه.. وهناك للأسف طباع سيئة في بعض الشبان.. منها أنه إذا فرغ من ضحية حولها إلى واحد من أعز أصدقائه ليضع خطة من أجل الوصول إليها من دون أن يجعلها تشك في أن صديقه هو الذي أعطاه الرقم.. وربما شارك في إعداد الخطة معه.. ومن هذه الطباع أن بعضهم يلجأ إلى تهديد ضحيته، وذلك بعد أن يسجل صوتها أو يحصل على صورها أو يصورها في وضع مخل، وبعض الشبان يتمادى فلا يتورع من نشر صورة الفتاة التي قال لها “أحبك” على الشبكة العنكبوتية ليرضي مرضه الذي لا أعلم من أين ورثه.. ولا يجول في خاطره مجرد فكرة في احتمالية أنه ربما تكون هذه الفتاة إما أختاً له أو ابنته او ابنة أخيه أو ابنة اخته أو حتى ربما تكون زوجته.. فهل يا ترى سيتقبل هذه الفكرة؟
احذروا أن تنطقوا بهذه الكلمه (أحبك)، إذا لم تستطيعوا إيفاء مستلزماتها وتبعاتها.. واحذروا أن تصدقوا هذه الكلمة من أي شخص يقولها..

(أرشيف الكاتبة)
[/JUSTIFY]

كلمات على جدار القلب – صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد