أ.د. معز عمر بخيت

أصداء الرحيل والعودة

أصداء الرحيل والعودة
[frame=”23 80″]
الحزن أطرق فى جبينك هائما ً

والبحر اوغل مودعا احساسه

بالغربتين فغاص ما بين الشواطئ و اختبأ

هذى مسام الارض تفتح للسنابل بابها

فأفرد شراعك للتصافح و أتنى

ما تاه صاحبك القديم و ما صبأ

وسما هواك بأضلعى

متفجرا فى كل ركن من عميقى

شاهرا وهج الصبابة و التهابات النبأ

هيهات فى ليل المهابة ما احترقت

ولم يضل النجم عرشى

فليعد للحلم طيفك عابرا

بحر العوالم كى يحط على سبأ

***

ماذا يخفف من أنينك ايها الرامى على

جنح الحوائط شاهدا يقتات اشلاء المسافة والربا

اعياك احساس المدى بالبعد

والهمس المسافر للنجوم

يسوق للأفق البعيد ظلاله

شفقا يناور وجنتيك

مغازلاً ومداعبا ..

قد هزنى ولهى اليك

و قبلك الأيام لم تعرف شروقا ً للصباح

و ها هو القمر الموشح بالضياء

يعود بعدك شاحبا

الوقت كان السابح المقذوف فى غرف الفضاء

اخاله لا خطو يملك راجعا او ذاهبا

حتى افاء بك الجبين وضاق بعدك بالمسافة

كى تظل الأقربا ..

وطنى واحساس المهابة عبرة الصوت الحزين

اذا اقام مودعا لقياك

يمضى فى الطريق مشتتا ً

لا انس بعدك يبتغى

لا سامرا او صاحبا

ما عادنى الاّ شذاك

و ها هى الذكرى اليك تشدنى

ان كنت قربك حاضرا

او عشت بعدك غائبا

لكننى سأظل بالباب الوحيد اليك اطرق آملا

ان يهطل الغيث المبارك ادهراً متعاقبة ..

وصمتُ لحظة عودة الاصداء من رهق التصنت

ثم عدت بطرقتين من الفؤاد

على شعيرات الصبا

ويجئ خطوك من عميق النفس يمشى مثقلا بالجرح

هوِّن من جحيمك

غابة الاقدار طوقت اختيارك

والدموع الساخنات سوائل للحرق

تخترق اشتعالك

و المدائن غرّبت احشائها تلك الجذور ..

ما كان يسكن فوق مخيلة التشبث باعتناقك

اننى مذ طال بعدى ها هنا عن ساعديك

اعود لا اجد احتضانك دافئا بالشوق

يا لهفى

و يا حزن القبيلة حين ترفض ان تزور

فى بعدى المسكون بالآهات

ظل هروبى الماضى اليك

مجنزرا بالثلج والاوهام والنوم الغريب

وساكنات القطب غلّفت ابتسامى بالفتور

اواه يا حزنى سأبدأ فى احتراف الرقص فى شمس الدواخل

سوف انتشر التهابا

فى عيون الجوع اعزف للقوافل

مقطع الوله المفارق

والغيوم المزن غيثك و القصائد والحبور

قد كان توقى فى بلاد الزيف اكبر من جحيم المعركة ..

قد كان وقتى بين اوراق البحوث

و بين اركان المعامل و العنابر

بين قصدير المشاعر يستثير الوقت

ان ينجو و يخرج ساخطا مما رأيت

فجئت اركض صوبك

قد عادت الآهات تخرج من تراب النار و الفولاذ

والصبر النحاسى الحواف

نبت الشعور على قميصى

واحتوانى فى الختام اللهث

نبضى رج كالبركان اذ هبط الطواف

كان الرحيل اليك من برج المطار الساحلى

محاذيا للأرخبيل

و كنت ارقب فى احمرار تلهفى

للقاك استرعى تواريخ الرحيل

اسد اذنى من ازيز الطائرات بهمس آهك

حين يشتد الجفاف

ومضى رحيلى فى اتجاه الغيم منتشرا

بأركان الفضاء يقوده ولهى اليك ..

هذا الشعور الدامئ المملوء بالخوف القديم

تشرّبت اوصاله طلل الترقب

كى يحوذ بناظريك

تمضى على شوك الدروب

ممالك الاصرار عندى

نصبتك الصاحب الموعود باللقيا

فعد من كهف دفئك

واستحم برغوة المطر الجديد ..

البحر متكئٌ عليك

فمد يمينك للرياح و طوق الحزن الوليد

واشدد وثاقات انقسامك قد رمىَ

للظل عودك زهرة الجرح المجيد

كان المدرج نازفا وعلامة تستفهم المارين

ماذا يحملون من الشعور

الجند و السياح و المتربصون

يراقبون خطى المرور

آه من الموت المصاحب للحياة

بكل ارصفة الحبور

آه من الخوف المخيم فى المنازل

و الجروف

و فى المحابر و السطور

وطنى واحزمة المداخل

و الضياع بكل خارطة الدمار

اواه ياوطنى

و يا وجع المواطن يا زحام الانتظار

طالت عليك الغفوة الكبرى

سقتك الذاريات دخان قاذفة الشرار

كان القطار الراحل المملوء بالاوجاع

يخترق العيون الناظرات الى الغيوم توددا

ان تستجيب و لا مجيب

الداعى المسكون بالغليان و الزمن الرهيب

يتلاقيان على احتدام الرعد

حين يسوقنا خطو الغريب

فالشمس يا سودان شمسك

حين يأتلق الطبيب

و الحق وجهك و النهار اليك يمضى

والمدائن تستجيب

كنز من الاصرار يقبع تحت صحراء اللهيب

ماذا سنفعل فى دقيق هواننا المعجون

بالدمع المقاتل و النحيب

ماذا و جرح الغدر يرفض ان يطيب

البيت بيتى

و الديار الى تأتى

و القوافل فى الطريق بلا ربيب

فلينهض النهر الصبى

و يكتسى بالطيب و الحناء

و لتثب التلال

الآن يقترب الحبيب

امضى الى الاقمار حيناً ثم أدلف تاركاً

صدف الغشاء العاجز المثقوب و الشوق الكثيف

اواه يا زمن التلاقى بين اقواس الدجى

و الرمل و اللهب الموزع فى بطون الناس

فى الوطن الوليف

الثلج حولى والربيع هناك فى قمم الجبال

يراقب الصيف المشوق الى الخريف

حزنى و حزنك و المطاف عليهما ليل مخيف

متحديا سحب التلوث فى نفوس الناس تمطر

و الجباه الصاغرات و كل امواج النزيف

و الآن ثغرى بالسكون مكبلا

غضبى لنهبك ليس يطفؤه الرغيف

غضبى ستدرك ذات يوم فيضه

جزر الحياة النائمات على بحيرات المصيف

حتى تعود الى المواقف سيداً

متصدرا موج المسافة طاهرا نضرا عفيف

وتظل دوما فى ذرى الاحداق وجها صافيا

وطنا نقيا سامقا فوق العوالم

ناديا عبقا شفيف.

[/frame]
[Email]moizbakhiet@yahoo.com[/Email]