منى سلمان

سميرة أم ريش

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] من ارشيف حكاوي الروضة
سميرة أم ريش
[/B][/CENTER] إنهمكت (نهى) في صنع القباب الرملية بوضع قدمها الصغيرة على الأرض وإهالة الرمال المبتلة عليها حتى تغطيها تماما ثم تضرب عليها بيديها بكل مافي ساعدها النحيل من قوة حتى تثبت وتتماسك ثم تقوم بسحب قدمها منها في حرص وتؤدة وتصلح من إستدارتها وترمم بوابتها مكان خروج قدمها قبل أن تطلق عليها إسما: دي قبة المهدي .. قبة سيدي علي .. قبة حمد النيل!!
وأصلت في صنع قبابها وهدمها ومحادثة نفسها على جانب باحة الروضة وبعيدا عن ضجيج وشغب باقي الأطفال كعادتها في صنع عوالمها الخاصة والعيش فيها عندما دفع أحد الصغار الباب ودخل .. أولت القادم إهتمامها ورفعت إليه يدها ونادته:
هشومي تعال !
أسرع إليها (هشام) رفيق لعبها وزميلها في الروضة قبل أن يسبقها في الدخول للمدرسة .. سألته وهي تتمعن النظر في زيه المدرسي وشنطته الصغيرة:
مالك جيت من المدرسة؟؟ .. قالوا ليك أمشي أقرا في الروضة تاني؟!!
جلس علي الرمل المبتل بجوارها وألقى بحقيبته بإهمال وهو يجيبها:
طلقونا البيوت.
سألته في إستغراب: طلقوكم !! .. يعني قالوا ليكم أمشوا البيت؟
أجاب بإختصار: أيوه
سحبت شنطته التي لم تستطيع صرف إنظارها عنها وقالت:
وريني قاعدين يقروكم في المدرسة شنو؟
فتح حقيبته وعرض عليها كراساته النظيفة المنظمة في فخر .. قلبتها وهي تدعي عدم الإهتمام وقد نهشتها الغيرة بسبب سبقه لها بالدخول للمدرسة ومفاخرته الدائمة عليها بذلك .. قالت دون إكتراث:
متفلهم وعامل لينا فيها دخلتا المدرسة .. هسي أدوكم شنو يعني؟؟ .. واحد إتنين وألف باء تاء ثاء .. ما ياها قرايتنا ذاتا !!
قاطعت (ست سميرة) المشرفة بوادر الشكلة التى لاحت نذرها عندما صاحت فيهما من بعيد:
هشام!! .. مش طلقوكم؟ .. يلا أجري بيتكم سريع .. وتعالي يا نهى أقعدي جنبي هنا !
حمل (هشام) حقيبته وإنطلق دون تأخير بينما قامت (نهى) في تكاسل لتجلس على التعريشة بجوار قدمي (ست سميرة) .. وسرعان ما إنشغلت بمتابعة سرب من النمل الأسود وهو يسير بالقرب من قدمي المشرفة.
وزعت إهتمامها بين سرب النمل والشعر الكثيف الذي يغطي قدمي الأستاذة، فقد تميزت (ست سميرة) بالشعر الكثيف الذي يغطي أيديها وسيقانها، وكانت (نهى) تجد متعة لا تضاهى في الجلوس بالقرب من طاولة الأستاذة والتسلل بيدها للعب بهذا الشعر .. تملسه بيدها وتسرحه ذات اليمين وذات الشمال ثم تقوم ببرمه وشده بقوه في محاولة لنذع بضعت شعرات منه قبل أن تصرخ (ست سميرة) ألما وتدفعها بعيدا، إلا أنها تعاود الإقتراب منها مرة أخرى بعد قليل وتواصل (القردنة) فقد أدمنت مداعبة شعر الأستاذة حتى أنها كانت تلقبها ب(سميرة أم ريش) كلما تحدثت عنها لأمها في البيت.
قطع عليها تأملاتها إقتراب (مهلب) منها .. سألها في فضول:
بتعملي في شنو؟؟
راودتها بعض الأفكار الشيطانية فقالت:
تعال دنقر هنا شوف ده شنو !!
إقترب وجثا على الأرض بركبتيه وهو يسأل:
أشوف شنو؟؟
غافلته وخمشت خمشة من سرب النمل الأسود ومعها بعض الرمل ودستها في ظهره بينما إنهمك هو بمتابعة السرب دون أن ينتبه لفعلتها، ولكنه سرعان ما قام يجري ويتلوى ويصرخ في ألم من لسعات النمل بينما إنطلقت تجري منه وتضحك في شقاوة .. إلتفتت الأستاذة تسأل عن الخطب فتكرم الكثير من الصغار بالقوالة عما فعلته (نهى) ب(مهلب)، صاحت الأستاذة في غضب:
جيبوها لي الليلة النقطع ليها يدينا ديل!
كان قولها حافزا لينطلق ثلاثة أرباع الروضة خلف نهى كل يمني النفس برضى الأستاذة والقبض على المتهمة .. قاومت في ضراوة محاولات الإمساك بها وأعملت أسنانها وأظافرها عضا وخربشة في العيال حتى خلوا سبيلها .. أسرعت بفتح الباب وخرجت تجري تلاحقها صيحات (ست سميرة):
بتجري مني وين؟ .. الليلة كان دخلتي في بطن أمك ما بخليك !!
انطلقت نحو البيت ودخلت وجلست على الأرض بجوار المطبخ دون أن تقول كلمة، إلتفتت إليها أمها وسألتها في حيرة:
الليلة مالك يا نهوية جيتي بدري؟؟
فردت وقد إعترضت عبرة كبيرة علقها وسدته:
دي ما سميرة أم ريش دي .. كرهتنا ياخ !!
[/JUSTIFY][/SIZE]

منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]