الإنترنت يقود عهد التدمير الخلاق لوسائل تقليدية
أجمع خبراء الاقتصاد والتكنولوجيا أن العقد الأول من القرن الحالي شهد ما يشبه “التدمير الخلاق” للكثير من الوسائل التقليدية التي كانت سائدة سابقا في مختلف مجالات الحياة، وقاد هذا التدمير بلا منافس “عصر الانترنت”.
وتضررت الكثير من القطاعات بسبب هذا التطور، خاصة في ما يتعلق بالمجلات والصحف والكتب وأفلام التلفزيون والموسيقى والمكتبات وباعة أي نوع من السلع ابتداء من السيارات ومرورا بالفنادق والخطوط الجوية وانتهاء بالوكالات العقارية. فحيثما كانت الشركات معتمدة على الإعلان لكسب المال وحيثما كانت تلك الشركات تحقق أرباحا عن طريق غياب الشفافية أو غياب المنافسة فهذه الشركات أصبحت تعاني حاليا من الانترنت.
ورصدت مجلة نيوزويك الأميركية في عددها الأخير الصادر أمس مدى التحول الذي طرأ خلال السنوات الماضية على الكثير من قطاعات الأعمال، مع اقترابنا من نهاية العقد الأول من هذا القرن، مذكرة بالأيام الأولى التي شهدت ظهور الانترنت وبالأحاديث التي بدت متهورة آنذاك عند إشارتها إلى أن كل شيء سيتبدل بسببه، حيث اعتبر الكثير من المعنيين وجهات نظر من هذا النوع محض أوهام. فلإيصالنا إلى ارض الميعاد التكنولوجية كان يجب المرور بما سماه الاقتصادي جوزيف شومبيتر بـ “التدمير الخلاق”، مع انتشار الانترنت بطريقة شبيهة بانتشار “تسونامي” السريع عبر كل مجالات الخدمات والصناعات دافعا بكل ما هو قديم وكل من هو غير مستعد أو غير قابل على التكيف مع الوضع الجديد، إلى الانقراض.
فحين المقارنة بما كنا عليه الحال قبل عشر سنوات واليوم نواجه الكثير من الظواهر الجديدة. ففي مجال الصحافة أصبحت الصحف المطبوعة في مجال نقل الأخبار في خبر كان.
ويعود ذلك حسب وجهة نظر المجلة الأميركية إلى عدم تهيؤ الكثير من المسؤولين عنها للتغير، إذ ظل عمل الصحافة بالنسبة لهم يتمثل في وضع الحبر على صفحات الجرائد وتوزيعها بشكل ملموس على أكداس من الورق. لكن الصحف المطبوعة بطيئة للتحول إلى الانترنت وهذا ما جعل الصحف الورقية تستمر لفترة قبل أن تتحول إلى صيغة رقمية مثلما هو الحال الآن. إنه من الصعب فهم كيف أن شركات الصحف لم تتكيف بسرعة مع أن عملها هو رصد كل ما هو جديد في الحياة.
وتقارن مجلة نيوزويك مراقبة اختفاء الصحف بسبب الانترنت باختفاء بيع الحليب عبر الملابن نفسها لأن الزبائن بدأوا يفضلون الحليب في علب كرتونية بدلا من الزجاجات.
وجاءت إزاحة الصحف على يد الانترنت لأنها كانت مراكز احتكار صغيرة وظلت لعقود تعيش من دون أي منافسة حقيقية وهذا ما كان يجعلها تطلب أتعابا خيالية على الإعلانات الشخصية بينما اصبح ممكنا الآن الإعلان على الكثير من المواقع وبشكل مجاني.
كذلك هو الحال مع التلفزيون الذي ظل لعقود مؤسسة احتكارية وظلت تفرض على الجمهور أتعابا ضخمة مقابل الإعلان. لكن مع وصول الانترنت بدأت الحال تتغير ومعه زاد عدد المحطات التلفزيونية بشكل خيالي ومع قدوم الكابل أصبح ممكنا مشاهدة الكثير من البرامج الشعبية عبر الانترنت وفي أي وقت يشاؤه المتفرج.
أما قطاع الموسيقى فكان الاكثر تضررا فمع ظهور جهاز “آي تيونز” من شركة أبل أجبرت شركات الموسيقى على التخلي عن سيطرتهم على هذا القطاع والاستسلام لستيف جوبز، وأصبح الانترنت الواسطة الأساسية لخزن الموسيقى وشرائها. كل ذلك جعل تلك المحلات القديمة التي كان بإمكان الشخص أن يذهب إليها واختيار اسطوانات الموسيقى منها فائضة عن الحاجة ودفع بالكثير منها إلى غلق أبوابها نهائيا.
المصدر :ايلاف