مقالات متنوعة

الاتحاد السوفيتي لم يملك مراكز ثقافية

الاتحاد السوفيتي لم يملك مراكز ثقافية
سفارة «الاتحاد السوفيتي» في السابق التي تآكلت لحمتها بعد انهيار هذا الاتحاد واستقلال الجمهوريات التي كانت مرتبطة بموسكو لتصبح هذه السفارة الآن هي السفارة الروسية، تلك السفارة السوفيتية السابقة، ما كانت تتجرأ على نشر كتب الإلحاد التي ألفها الكتاب الشيوعيون مثل أفاناسيف وسمنوف. وما كانت تقوم بعرضها في أي معرض كتاب. وما كان السفراء السوفيت يتجولون في أنحاء العاصمة مثل السفراء الأمريكيين الآن لتجميل صورة واشنطن القبيحة جداً وهي تدعم إسرائيل لتقتل العرب في فلسطين ولبنان وغيرهما. في آخر سنوات الاتحاد السوفيتي أو «اتحاد الجمهوريات السوفيتية» ارتكبت موسكو المجازر الفظيعة جداً ضد الأفغان حتى تصبح أفغانستان جمهورية سوفيتية ضمن الاتحاد أو على الأقل شيوعية مثل بلغاريا ورومانيا وقتها. فكانت موسكو جريئة جداً في الاعتداءات على البلدان القريبة من المعسكر الشرقي لتضمها إلى حكومتها الشيوعية، لكنها لم تفكر في أن تستغل سفاراتها في الخارج في إقناع الناس بالشيوعية من خلال الإغراءات التي تقدم للمستهدفين ليصبحوا ضحايا للأفكار الصادرة عن أذهان غبية جداً. وكان السودانيون إلى وقت قريب يصفون من يرونه غبياً بأنه روسي. والآن تستبدل بكلمة «هندي» طبعاً. وأخشى أن تكون رديفتها في تلك البلدان كلمة «إفريقي» أو «عربي» باعتبار اندلاع الحروب والصراعات القبلية رغم الثروات الضخمة التي تزيد عن حاجة كل العرب والأفارقة إذا استغلها أصحابها، لكن مع تدفق الأسلحة الروسية والأمريكية في القارة الإفريقية أو الوطن العربي لتسهيل اشعال الحروب كيف السبيل إذن إلى استغلالها؟! لكن ما المناسبة التي دعتنا الآن للحديث عن سفارة اتحاد الجمهوريات السوفيتية في الخرطوم وغيرها؟! لقد تفكك هذا الاتحاد تماماً وأصبحت بعض جمهورياته تحارب موسكو التي تراجع نفوذها ليفسح المجال لواشنطن لكسب مزيد من النفوذ. لقد زال نفوذ موسكو في أديس أبابا بعد أن استفاد منه نظام منقستو في تقتيل شعب إريتريا قبل الاستقلال المجيد وتدمير المدن والقرى الإريترية، والآن عملة إريتريا تسمى «نقفة» وهي مدينة سحقتها موسكو بأسلحة فتاكة لصالح نظام منقستو باعتباره نظاماً شيوعياً يستحق أن تقدم له خدمة حربية من أجل بناء اتحاد سوفيتي آخر في شرق إفريقيا. كانت موسكو شرسة جداً لكنها لم تلجأ إلى إنشاء مراكز ثقافية تكون ضمن مهام بعثاتها الدبلوماسية في البلدان الأخرى، كما تفعل بعض الدول الآسيوية المحسوبة على الإسلام. والرئيس السابق جعفر محمد نميري كان يقول: «لا أريد في السودان خمينيات». وإذا كانت الدبلوماسية تعني الحصافة والكياسة في التعامل في إطار العلاقات الدولية، فإن ما تفعله بعض الدول في الخارج لتحقيق أجندة خفية معادية لمعتقدات وثقافات المجتمعات.. يبقى نقيضاً للدبلوماسية، لأنه يأتي بمصير غير مرجو. وبعض المراكز الثقافية في العالم التي تتبع لبعض البعثات الدبلوماسية تحتضن شعارات سرية تقول إن مقدساتها «فوق القانون» حتى لو كانت هذه المقدسات دخيلة على الدولة المقصود قانونها. وطبعاً لا يمكن لشخص أن يكون فوق القانون حتى ولو كان حياً يرزق، دعك من أن يكون متوفى أو مستشهداً منذ مئات السنين. إن الاسلام حق واضح يحكى عنه القرآن والسنة النبوية والسيرة المحمدية العطرة والتاريخ السياسي العظيم.
وحتى الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل فاطمة رضي الله عنها فوق القانون، بل قال: «لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها». «صلى الله عليه وسلم». وإذا كان هناك من يخبر العالم بأن مراكز بلاده الثقافية المنتشرة في بعض البلدان لها أجندة فوق القانون في هذه البلاد، فقد أعمى من أراد أن يكحلها. ولعلنا فهمنا المناسبة.

الكاتب : خالد حسن كسلا
الحال الآن – صحيفة الإنتباهة