موعد قد اقترب
ملاحظات مهمة أبداها كثير من الإخوة المراقبين وبينهم صحافيون شهدوا مؤتمرات الولايات للحزب الحاكم، مع إشاداتهم بتجربة إعادة البناء، وإصرار قيادة المؤتمر الوطني على المضي قدماً في طريق الإصلاح السياسي الشامل والتغيير والتبديل وهي سنة الحياة ولا مجال للتراجع عنها، ولا يختلف اثنان حول أن هناك إرادة قوية من أجل هذا الإصلاح والتغيير وإنفاذه، ولا بد للمؤتمر الوطني من وضع هذه الملاحظات في الاعتبار والاستفادة منها في معالجة أي اختلال في نظامه الداخلي والكيفية التي يتم من خلالها إجراء المؤتمرات لاختيار مرشحي الحزب لمنصب الوالي في الولايات.
وتلاحظ أنه في الولايات التي عقدت فيها المؤتمرات ومؤتمرات الشورى «سنار، النيل الأزرق، شمال كردفان، جنوب كردفان، وغرب كردفان»، يتصدر الولاة قائمة المختارين والمنتخبين من الشورى ومؤتمر الولاية.. ويتوقع أن يحدث نفس الشيء في بقية الولايات، وهذا يعني شيئاً واحداً هو أن الوالي في كل ولاية وهو رئيس الحزب، يسيطر سيطرة كاملة على مقاليد الأمور الداخلية وكل شؤون الحزب، وإحراز الولاة الحاليين أعلى الأصوات وبفارق كبير من منافسيهم قد يبدو طبيعياً، حيث يصطف الناس مع من هو في السلطة وقابض على صولجانها، لكن في اتجاه مغاير وزواية أخرى لا تبدو الأمور كذلك.. فالتفسير الوحيد أن عملية تكوين مؤسسات الحزب في الولايات تكون خاضعة بالدرجة الأولى لرغبة الوالي، فهو يتحكم في من يأتي ومن يتم تعيينه من نائب رئيس الحزب ومسؤول الاتصال التنظيمي وبقية الأمانات وقيادة الحزب في المحليات.. ومن يتحكم في كل هذا يستطيع بسهولة أن يفرض وجوده ويتربع على رأس قائمة المرشحين، ويعلن على الملأ تشبثه بالسلطة وعدم امتلاء بطنه وشهواته منها.
وينبغي للحزب الحاكم أن يعالج هذا الخلل في المرات القادمة، فقد سبق السيف العذل، ولا مجال لإدراك ما لا يدرك، وهناك تدابير وقائية تم اتخاذها للحد من هذه الظاهرة، منها عدم تقيد قيادة الحزب بعدد الأصوات التي يحرزها الخمسة المختارون لمنصب الوالي، ويتم رفع أسمائهم للقيادة في الخرطوم، فمن يحرز ألف صوت ومن يفز بسبعة أصوات هم سواء عند المركز، ولا أدري لماذا حرص الولاة على أن يكونوا هم الأعلى أصواتاً وهم يعلمون علم اليقين أن قيادة الحزب والنظام واللوائح قد حددت كيفية الاختيار؟ لعلها نزعة نفسية محضة هي التي جعلتهم يتلهفون وتتلمظ شفاههم من أجل الفوز والكسب وحصد الأصوات.. فإن كانت بالفعل نزعة من هذا النوع، فإن الحزب ستكون مهمته أصعب في تربية القيادات السياسية على الزهد في السلطة، والخوف من أمانة التكليف!!
شيء آخر يستحق النظر والتوقف عنده، إذ لم تظهر حتى الآن وبشكل واضح وجلي، التحيزات والاصطفافات القبلية والجهوية كما كان متوقعاً على الأقل في الولايات التي عقدت مؤتمراتها واختارت مرشحيها الخمسة، وهذا نجاح يحسب للحزب، وتم في بعض الولايات توافق حتى على الخمسة بشكل جيد كما جرى في شمال كردفان.. لكن من المنتظر أن تفاجئنا بعض الولايات بما هو أسوأ من كل التوقعات السيئة.. فهناك ولايات معقدة التكوين السياسي والقبلي وقابلة للاشتعال.. فلو لم تتم معالجة الأمور بحكمة وحنكة حاضرتين ستكون هناك تداعيات لا تحمد عقباها.
وعلى الأحزاب السياسية أن تجد في تجربة إعادة البناء التي يقوم بها الحزب الحاكم، فرصة لمراجعة عضويتها وترميم ما خربته السنوات الماضية وإصلاح ما تصدع، فالعاقل من اتعظ بغيره، فالمؤتمر الوطني يبني نفسه حين فشل وغاب الآخرون، وعلى هؤلاء الآخرين اللحاق بأنفسهم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإلا ستدفنهم رمال النسيان، ومن عجب يقول المؤتمر الوطني إن عضويته المسجلة في كشوفاته عشرة ملايين عضو، ومن شارك في المؤتمرات الحالية أكثر من سبعة ملايين ونصف المليون.. وهذا يعني أنه سيكتسح أية انتخابات قادمة وفق السجل الانتخابي الحالي وهو يزيد ببضعة ملايين عن عشرة ملايين ناخب.. فويلٌ للأحزاب من موسم انتخابي قد اقترب!!
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة