الصادق الرزيقي

على ماذا التصارع؟!

[JUSTIFY]
على ماذا التصارع؟!

> تكشف الصراعات الداخلية في الأحزاب السياسية والتجاذبات والتنافس الحاد داخل صفوف المؤتمر الوطني كما هو بائن في مؤتمرات الولايات، عن حالة مزرية للسياسة في السودان، وسعي مجنون وجري وراء الأضواء والمناصب بلا وزاع من دين وخلق رفيع وقويم، فالناس مجبولون على حب السلطة، وبدأت شهوتها تطغى في السنوات الأخيرة على شهوتي الفرج والبطن.. ولا يوجد إحساس يعمي البصيرة وربما البصر أكثر من امتلاء النفس والروح بحب الكراسي والمواقع، وهو شعور ربما يقود الإنسان إلى حماقات وأفعال تخالف المألوف.
> ففي التاريخ البشري هناك من قتل أباه وشقيقه وأهله من أجل السلطة والحكم، والتاريخ الإنساني مليء بنماذج محيرة، حيث تلغي شهوة السلطة كل شيء وتكتسح كل ما هو أمامها حتى رابطة الدم وآصرة القربى وصلة الرحم.
> ولذلك من السهل جداً.. ألا يجد السياسي حرجاً في ما يفعل، فالسياسة تظل لعبة قذرة يتلوث اللاعبون في حلبها بكل موبقاتها وقاذوراتها عندما تدغدغهم أحلامها وتغشى أنوارها وأضواؤها المبهرة أعينهم المعلقة على شعاب المناصب.
> السياسيون عندنا، خاصة أولئك التقليديين المحليين في نظراتهم وتصوراتهم ومواقعهم، هم الأنموذج الأكثر بؤساً في حب السلطة والتدله بها، دون أن يعقلوا ولو للحظة واحدة أنها أمانة ويوم القيامة خزي وندامة.. وتجربتنا الحزبية وممارسة السياسة منذ بروز التنظيمات السياسية وقيام الدولة الوطنية، غارقة حتى شحمتي أذنيها في مستنقع الذات والقلوب المشرئبة إلى رغباتها.
> وما من حزب أو تنظيم يمكن تبرئته من هذه الأسقام والعلل التي لا شفاء منها، فجميعها مخدوشة الوجه والأيدي والفؤاد، حين يتسابق منسوبوها وقياداتها نحو بريق السلطة ويتزاحمون حول المغانم والمكاسب وأرباح السياسة الممحوقة.
> فما يجري داخل الأحزاب من انقسامات ومعارك داخلية واحتكاكات وحساسيات ومعارك وتحيزات تستخدم فيها كل الأسلحة المحرمة كالقبيلة والعنصر والمنطقة وعوامل الجغرافيا، هو تأكيد على أن تجربتنا السياسية لم تنضج بعد، أو تكون السياسة كما هي عند كل الأمم والشعوب، مساحة غير نظيفة للعمل الشريف!! وبطاقة غير صالحة للاستخدام القيمي والأخلاقي.
> لكن الراسخين في العلم وفي السياسة يقولون لك، لا تأبه لما يجري، فمن شروط صحة ممارسة السياسة، أن تكون هنالك عظمة يتصارع حولها الكلاب.. فلن تكون السياسة سياسة إلا إذا غمست في المقابح والرزايا، فتنتن ممارستها وتفوح، ومن رحمة الله أن الخطايا السياسة وإن أنتنت لا تفوح!!
> وليس من الحكمة النظر إلى المشهد كله وتفاصيله بملهاته ومأساته وكأنه سقط متاع لا رجاء فيه ولا فكاك منه، فهناك من يحاول طرح أفكار من أجل مسحة قيمية وأخلاقية للسياسة، فمن الممكن أن تكون هناك، لكنها في النهاية قد لا تصمد أمام جحافل الطمع والجشع والجري وراء سراب المواقع والكراسي.. ودون الناس التجربة الماثلة داخل الأحزاب بما فيها المؤتمر الوطني في مؤتمراته الولائية التي ظهرت فيها نماذج تصارع على السلطة ما كان ينبغي أن تظهر لحزب بنى فكرته على القيم الدينية.
[/JUSTIFY]

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة