لبنى عثمان

حب.. تيك أوي

[JUSTIFY]
حب.. تيك أوي

يتشربون ضوء الأغاني والأماني.. يقتلون سيل الملل.. فالحب يفعل ما يرد.. يمنحون أنفسهم قدر ما تغني الحكايا وقدر ما يوفي الغزل.. وقدر ما يوفي البكاء.. يعتادون الإسراء من حكاية إلى أخرى ومن قلب إلى قلب.. يؤمنون كثيرا أن لا معنى للتضحيات ولا لون للكرامات ولا حضور للكبرياء ولا حزن على فراق.. وأن الرقي هو أن تعيش قصص الحب الصغيرة.. ذات المدى القصير.. تستهويهم تلك الشيطنة القابعة في أفكارهم بمغامرات في الحب ولا أسهل.. مجرد ضغط على (زر) ليلبي لك ما تريد من مغامرات عاطفية واهنة.. باهتة كصورة متحركة تضعها وقت ما تشاء وأينما تشاء..
إن الله نظم لنا الكون وسن له القوانين والتشريعاتن وبين لنا ما يكفل لنا حياة كريمة من حلال وحرام وفضيلة وخطيئة.. وما نراه اليوم يحدث من خلل في تركيبة حياتنا هو نتاج أفراد.. ويختلف نوعيته ودرجته حسب ثقافة وفكر ورؤية ومنظور الحياة التي تنبثق منها العادات والتقاليد والأعراف.. واليوم يظهر لنا جلياً ما يسرح في مجتمعنا من ممارسة خاطئة لذلك الرابط الفطري (الحب).
إننا لا ننكر أهمية الشعور بالحب أو العاطفة لأن الحب عاطفة ومشاعر تبنى على علاقة حقيقية بين إثنين, فالحب أو العاطفة بذرة تحتاج إلى الرعاية والاهتمام وحسن المعاملة بأصولها وقواعدها الأساسية والصادقة لتنمو وتتشعب امتداداً لتضرب بجذورها القلوب لتقف قوية إذا اشتدت عليها الرياح.. فالحب هو الاحترام والمسؤولية، وهو علاقة جادة تكون في العلن وضمن إطار من الزواج والارتباط.. فالحب الطاهر النقي، وفي مكانه الطبيعي نعمة من الله عز وجل.. ولكن ما يظهر لنا جلياً هذه الأيام ظاهرة الحب على شكل (وجبات سريعة) أو على طريقة (الدليفري) أو بطريقة أن التجربة خير برهان.. أعجبتك وجبة.. تضغط على الأرقام.. تأتيك الوجبة تستمتع بمذاقها ثم ينتهي وقتها.. ثم لابأس بنوع آخر وطعم آخر.. تلك هي آخر صيحات (الحب) السريع أو هكذا ما اعتاد شباب وشابات هذا الزمن..
من المؤكد أن الإحساس بالحب والميل العاطفي والشعور باهتمام الآخر بنا لهو أمر فطري وطبيعي، لكن كيف يتم التعامل مع هذه الرغبة وكيف نعبر عنها ونحن نؤمن بأنه لا توجد علاقة بريئة أو صداقة بين الفتى والفتاة، لأن بعض الشباب يبحثون في علاقاتهم عن الراحة والتسلية لينسوا همومهم.. ولا يبحثون عن الاستقرار؟ فالشاب يريد أن يحقق هدفه من التلاعب بعواطف الفتاة دون أن يرهق نفسه مادياً بمتطلبات الرباط الشرعي وما يستلزم من تكاليف وواجبات وحقوق وما يترتب عليه من تبعات.. وهذا لأن معظم شباب هذا الزمن صغار الأعمار وصغار القول وحقلهم الزمني لعمر المعرفة والإدراك والفهم لم يكتمل بعد، فيجدون أنفسهم على أعتاب الجامعات وداخل مجال واسع أكبر من أن يدركوا أبعاده ومحتواه.. فإن الشاب لو منحته الفتاة ما يتمنى استمر معها وإن صدته يبحث عن غيرها.. ونادراً ما يكون قد أحبها، وفي هذه الحالة سيحترمها ويسعى جاداً في أن يبدي رغبة في أن تكون رفيقة عمره وشريكة حياته.. ويقع اللوم على الفتاة التي تستسهل نفسها وتسترخص كرامتها وتستمر في خداع نفسها، وتعتقد بأنها لو منحت مشاعرها للشاب ووهبته حبها ستكسبه زوجاً ورفيقاً لرحلتها، ويخفى عليها أن الرجل عندما يريد الاستقرار يبحث عن فتاة صانت نفسها ولم تعبث بأخلاقها وسلوكياتها.. يبحث عن فتاة لتكون زوجة وأماً لأبنائه وليس فتاة أطلقت العنان لمشاعرها وأهوائها.. فتفكيره العقيم يصور له بأنها لو لم تحبه هو لكان غيره حتى لو كان متأكداً من إخلاصها وصدق مشاعرها.
حتما علينا أن ندرك مفهوم (الحب) ما هو إلا (كائن بدائي).. ناضج عاطفياً، وأجود بكل ألوان العاطفة وبما في الكلمة من أشواق وأحاسيس وماهية ويدرك أهمية الزمن ويعرف تماما كيف يسوق إمكانياته.. فالحب عنده غريزة فطرية تتطلب الفهم.. ونحن مع كل العلوم والتكنولوجيا والتطور الحاصل لم نساعد أنفسنا إلا بالعواطف الزائفة والتائهة والسريعة المفعول نشتريها بأبخس الأثمان ونغمرها بالخوف والغش والخداع، فنحب على أسوار الجامعة وعلى أبواب الأسواق، وفي مداد الطرقات وبين أسطر المسجات وعلى صفحات النت.
مدى واضح
الله.. كم يحلو لنا الحديث عن حبنا، مع إنه حديــــــث..

(أرشيف الكاتبة)
[/JUSTIFY]

كلمات على جدار القلب – صحيفة اليوم التالي

تعليق واحد