مقومات التحالف الدولي ضد داعش
تبدو صورة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وهو يطلّ من على متن مروحية تحلق فوق سماء بغداد، بأنّه أشبه بمن يتأمل الدولة المأزومة، منه مراقباً للوضع على الأرض.
والصورة الحديثة تم نشرها إبان زيارة جون كيري للمنطقة والذي بدأ بتقديم دعمه للحكومة العراقية الجديدة في معركتها ضد جهاديي الدولة الإسلامية «داعش»، ومن المفترض أن تكمل تشكيل ائتلاف أكثر من 40 بلداً يهدف للقضاء على التنظيم.
وكان قد سبق ذلك اجتماع بجدة على ساحل البحر الأحمر الخميس الماضي 11سبتمبر، لبحث إنشاء هذا التحالف الدولي لذات الغرض.
وقام الاجتماع الإقليمي الذي شاركت فيه دول مجلس التعاون الخليجي برعاية المملكة العربية السعودية إضافة إلى وزراء عدة دول إقليمية مثل الأردن ومصر والعراق ولبنان وتركيا.
وتعتبر المملكة العنصر الأساسي في هذا التحالف نسبة لحجمها ووزنها الاقتصادي وتأثيرها الكبير ومبادراتها في هذا المجال.
أما المبادرة الأهمّ في هذا الإطار فهي تحذير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، منذ فترة طويلة من خطر الإرهاب.
ونبع ذلك من رؤيته الثاقبة التي قام على إثرها بدعوة قادة وعلماء الأمة الإسلامية لأداء واجبهم والتصدي للتطرف والإرهاب، ومن إشارته إلى خيبة الأمل من التزام المجتمع الدولي الصمت إزاء ما يحدث في المنطقة بأسرها.
كما أعلن عن هذا الهدف الاستراتيجي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مؤتمره الصحفي يوم الجمعة 5 سبتمبر على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي انعقدت في بريطانيا.
لم يخلُ تصريح أوباما من التطمين بأنّ بلاده حشدت القدرات والموارد لمواجهة «داعش»، ومن التأكيد على أنّ المشاركين في الحلف اعترفوا بخطورة التنظيم وأهمية التحرك ضده، ودعموا ذلك التوجه.
وهنا يتبادر السؤال الذي يفرض نفسه وهو أنّ الولايات المتحدة لم يكن غائباً عنها ما وجدته الآن إثر هذا القرار من اعتراف ودعم.
إذن لماذا كل هذا التلكؤ والصبر حتى تحولت داعش من بضعة جنود يحتمون بالصحراء والظلام إلى قوة ضاربة استباحت ربوع البلاد بل تحاول الحكم كدولة مؤسسات.
ولم يزل يداعب خيال داعش حلمها بالسلطة التي سوف تبسطها على أرض العراق وسوريا.
بل ذهب أعضاء التنظيم إلى أكثر من ذلك بأن أصدروا الأحكام ونفذوها وأسسوا منظومة لتصدير خام النفط المهرّب من الحقول القريبة من مناطق سيطرتهم، وحكموا سكان تلك المناطق بالحديد والنار.
وكل هذا غذاه الوهم بأنّهم بالمال والسلاح يمكن أن يبنوا دولة تبتلع كيانات الدول الحالية.
أما التحرك الآني لإنشاء التحالف، فبالإضافة للأسباب التي تم ذكرها هناك مخاوف مبنية على رؤية استراتيجية بأنّ توجه مقاتلي التنظيم نحو مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان سيشكّل تهديداً ونزاعاً يضيف قومية أخرى ستصب الزيت على النار المشتعلة أصلاً.
كما أنّ هناك خلفية تجربة تدخل الولايات المتحدة في حرب الخليج، ومكوث القوات الأمريكية محاربة في العراق منذ 2003م وحتى الخروج منه وسحب قواتها العسكرية عام 2011م مخلفة آثاراً دامية، لم يبرأ منها الشعب العراقي كما الشعب الأمريكي الذي دفع بأبنائه من المجندين والمجندات للدخول في الحرب.
وتبعاً لذلك برز تيار شعبي ينبذ التدخلات الخارجية لما تجره للدولة من خسائر بشرية وعسكرية واقتصادية.
السبب الآخر هو أنّ أمريكا لم تكن فيما قبل ترجّح نجاح العمليات العسكرية إن قدر لها أن تنطلق كما تم التخطيط لها، فالغالب أنّها ستنال من قدرات تنظيم داعش وستضعف وجوده، ولكن قد تضطره إلى إخلاء المدن والمناطق التي يسيطر عليها ليحتمي بالمناطق الصحراوية المختلفة هرباً من الاستهداف العسكري المباشر، حتى يستعيد قوته من جديد.
وفيما يترقب العالم القضاء على داعش وخطرها، ينتظر أوباما الحصول على سلطة إضافية من الكونجرس لتسليح قوات المعارضة السورية.
ومن هذا التاريخ تعلو إشارات الترقب لينتهي أهمّ خطرين زعزعا أمن وسلام المنطقة.
الكاتبة : منى عبد الفتاح