تحقيقات وتقارير

العنف القبلي بالجنوب .. القادم أسوأ

تصاعد معدلات العنف القبلى فى جنوب السودان بات يهدد مكتسبات اتفاقية السلام، بل تعقيد مسار تنفيذ الاتفاقية، والاستحقاقات الرئيسة فى العملية السلمية كالانتخابات والاستفتاء،هذا فضلاً عن التبعات الانسانية الوخيمة لهذه الصراعات التى ادت الى نفوق مئات الرؤوس من الماشية التى يعتمد عليها سكان الجنوب فى الغذاء كما انها عطلت الموسم الزراعى الذى يعانى اصلاً من شح الامطار الامر الذى فاقم من الفجوة الغذائية بالجنوب ، وفى مواجهة هذه التحديات لم تقدم حكومة جنوب السودان مبادرات عملية لخفض حدة العنف القبلى ، فلا مبادرات اجتماعية ولا خطط امنية ، وما زاد الطين بله تراجع الخدمات والتنمية فى الجنوب التى نتج عنها واقع اقتصادى مرير دفع الناس الى الاقتتال حول موارد محدودة ، الصراع القبلى فى الجنوب له ظلال ودوافع سياسية حيث الولاء القبلى هو الحاسم فى السياسة ويتسلق القادة السياسيون اسوار القبلية للوصول الى السلطة وللبقاء فى السلطة يجيشون افراد القبيلة لحماية ذلك القيادى ،، وتقدر الأمم المتحدة ضحايا العنف القبلى بالجنوب هذا العام بحوالى ( 2000 ) شخص و (370) طفلاً على الأقل خطفوا ، وطال العنف القبلى حتى القيادات وحادثة وزير الزراعة سامسون كواجى دليل على ذلك.
المبعوث الامريكي الخاص الى السودان سكوت غرايشون عبر عن القلق من اشتداد العنف القبلى في الجنوب وقال ان واشنطن ستكثف جهودها للمساعدة في منع الاقتتال قبل الانتخابات العامة التي تجرى العام القادم.وقال في نص مكتوب لتصريحاته حصلت عليه وكالة رويترز «مع اقتراب الانتخابات والاستفتاءات سنزيد جهودنا للمساعدة في التخفيف من هذه المخاطر وتعزيز مساعي المصالحة.»المبعوث الامريكى لم يكشف عن تفاصيل تلك الجهود الامريكية لوقف العنف ولكنه أكد جاهزية واشنطون وشركائها للتدخل فى حال نشب صراع في الاشهر التي تسبق انتخابات ابريل 2010 واستفتاء يناير 2011، ويحتمل التدخل وفقاً لمراقبين للشأن الامريكى هنا خيارات عديدة ربما يكون من بينها التدخل عسكرياً ، وان كان هذا الخيار ستكون له عواقب وخيمة على مجمل عملية السلام ، لان الشمال لن يقبل بهكذا تدخل ، ومجرد التلميح بهذا الخيار من شأنه نسف جهود التقارب الجارية الآن بين الادارة الامريكية والحكومة السودانية ، ولكن المبعوث الامريكى كشف عن الجانب الانسانى من عملية التدخل المزمعة عندما قال ان المسؤولين الامريكيين يعملون مع منظمات دولية وغير حكومية لتوفير امدادات الاغاثة الطارئة للنازحين بسبب حوادث العنف التي نشبت في الآونة الاخيرة، والمشهد الانسانى بالجنوب ازداد قتامة مع تصاعد اعمال العنف فقبل شهر تقريباً قالت نائب مدير منظمة الامم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف) هايلد جونسون ان «هناك حالياً 1,2 مليون شخص في جنوب السودان يعانون من النقص المزمن في الغذاء، وليست هذه سوى بداية» المشكلة.واعتبرت المسؤولة في اليونيسف، التى زارت ولاية اعالي النيل في جنوب السودان، ان نزوح الرعاة «سيؤجج النزاعات من دون شك اذ ان شح الامطار ادى الى قلة الغذاء وعلف المواشي».وحذرت جونسون من انه «اذا لم نتمكن من السيطرة على الموقف فان مستويات الجوع ستصل الى حافة المجاعة»، مشيرة الى ان «عدد الاطفال -الذين يعانون من سوء التغذية- سيتصاعد في هذه الحالة بسرعة كبيرة».من جهته قال حاكم ولاية جونقلى كيول مانيانغ «هناك بالفعل مجاعة، فحيث يوجد سلام لا توجد امطار وحيث توجد امطار ليس هناك سلام».وكان برنامج الغذاء العالمي بدأ الاسبوع الماضي توزيع مساعدات، عبر اسقاطها بالطائرات، على اكثر من 155 الف شخص في ولايات جونقلى وواراب واعالي النيل بجنوب السودان.وتهدف هذه العملية، التي ستستمر خلال الشهرين المقبلين، الى مساعدة سكان القرى المعزولة حيث يعاني السكان من نقص الغذاء بسبب الصراعات القبلية وضعف المحصول وارتفاع اسعار المواد الغذائية.
محمود الدنعو :الراي العام