شاركوني في هذا السر..!!
اليوم بالضبط يمر شهران على جريمة اقتحام مقر صحيفة “التيار”.. والإعتداء على رئيس تحريرها.. الذي هو كاتب هذه السطور.. عشرون رجلاً مسلحين ببنادق (كلاشنكوف) وعصي.. على ظهر سيارتين من نوع الدفع رباعي (تاتشر).. احتلوا مبنى الصحيفة قبل حوالي (45) دقيقة من آذان المغرب، حينما أخلد الناس لهدوء ما قبل إفطار رمضان (في العشر الأواخر منه).. وانصرفوا إلى بيوتهم وخلت الشوارع من المارة.. سبعة منهم دخلوا مكتبي.. بدأوا في الضرب.. ثم تولى أضخمهم بنية إسقاطي على الأرض.. واستمروا في الضرب.. إلى أن انتهت بضربة مباشرة في العين اليمنى بمؤخرة البندقية أدت لنزيف ملأ وجهي وصدري بالدماء.. ولا زلت أعاني من إصابة العين رغم العمليتين الجراحيتين في مصر..
الحادث أصاب الشعور العام بصدمة شديدة عبر عنها تدفق الآلاف الذين حاصروا مستشفى (الزيتونة) لعدة أيام.. من مختلف الطيف السوداني السياسي والاجتماعي..
حتى هذه اللحظة لم يصدر من الشرطة أو النيابة ما يؤكد اكتمال التحريات.. ولأنه حسب قانون الصحافة يمنع (التعليق) على القضايا التي لا تزال تحت التحري والتحقيق.. فلا أجد في نفسي ما أقوله سوى أنني أثق في شرطتنا وخبرتها وقدرتها على كشف الجرائم مهما تلبدت بالغيوم والألغاز.. ولا أدل على ذلك من تفكيكها لغموض جريمة المرحوم هاشم سيد أحمد، المدير العام الأسبق لشركة الأقطان.. في زمن قياسي بكل المعايير.. وإمساك الشرطة بأثواب المتهمين (والمتهم برئ حتى تثبت إدانته).. وهي الجريمة التي وقعت بعد حادثة (التيار) بحوالي ثلاثة أسابيع فهزت ضمير السودان كله.
على كل حال أنا لست مستعجلاً.. شهر.. ثلاثة أشهر.. سنة.. سنتان. لا يهم.. لأني موقن في نهاية المطاف أن الشرطة السودانية التي حققت رقماً قياسياً وليس في سجلاتها عبارة (قيدت ضد مجهول).. ستصل إلى التفاصيل كاملة..
لكني سأكشف لكم سراً مهماً.. لم تتحرك داخل صدري ذرة غبن ضد أحد.. ولا همسة دعاء بظهر الغيب- ضد أحد.. ولا حتى مجرد وسواس انتقام.. أو رغبة في رؤية قيود الثأر تجرجر أذيالها فوق أنف أحد.. والسبب.. لأني أريد أن أحفظ حقي كاملاً عند من يُمهل ولا يهمل.. لم أصرف منه مقدماً ولا زفرة ألم أو ذرة غبن.. أو حتى مجرد شعور في أقاصي أركان الصدر بالضيق والضجر.. حق محفوظ في سجلات عدالة لا يظلم عندها أحد.. فحسابات الدنيا مهما تعقدت.. هي ضئيلة مهما ثقلت..
ينسى الناس دائماً.. أن الكون محفوظ بسُلطة فوق كل سُلطة.. وسُلطان فوق كل سُلطان.. فلم الرهق والتعب طالما أن الله هو العدل فوق كل عدالة..
تذكروا هذه الكلمات.. فيوماً ستحتاجون لإعادة قراءتها.. وحينها تقولون: (وَيْكَأَنَّ اللَّهَ..) يمهل ولا يهمل..
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]