مقالات متنوعة
قراءة للتحدي الحالي بين الميرغني والترابي في القدرة على المضي على خطى السيد علي
وبناء على مثل هذا الإطار للرؤية في المقارنة بين الماضي والحاضر في الحراك السياسي للمرشد الختمي الراحل السيد علي الميرغني، والحراك الحالي لكل من السيد محمد عثمان الميرغني من جهة، ود. حسن الترابي على الجهة الأخرى، إضافة إلى ما يقوم به من جانبه، وفي سياق ذات الإطار للحراك الجاري، زعيم حزب الأمة وكيان الأنصار رئيس الوزراء السابق السيد الصادق المهدي والقوى الأخرى الفاعلة على المسرح السياسي ممثلة بصفة خاصة في كل من حزب المؤتمر الوطني الحاكم والأحزاب الممثلة لتيارات اليسار الاشتراكي العلماني والحزب الشيوعي السوداني والحركات المتمردة في مناهضة مسلحة للسلطة الحاكمة القائمة.. تجدر الإشارة إلى أن التحدي السياسي الأول والأبرز والأقوى أو الأعتى والأضخم الذي نجح في التصدي للتفاعل والتعامل معه المرشد الختمي والزعيم الوطني الراحل المرحوم السيد علي الميرغني، قد كان هو كيفية التصدي للاستعمار البريطاني السابق وشريكه الشكلي من الطرف المصري.
وفيما يتعلق بهذا فقد كانت الملاحظة اللافتة في الحراك السياسي للسيد علي الميرغني، على المستوى الوطني الداخلي والصعيد الخارجي الإقليمي والدولي في تلك الحقبة، هي أنه قد انطلق منذ الوهلة الأولى من العمل على الاستفادة من الحقيقة المهمة والمتمثلة في أن الشريك المصري الشكلي في الاستعمار البريطاني للسودان آنذاك، كان ينبغي أن يتم التعامل معه على أساس أنه له مصلحة مشتركة مع الجانب السوداني في التصدي للاستعمار البريطاني الذي كان قد فرض نفسه على الشقيقة مصر نفسها في تلك المرحلة.
وبناء على انطلاقه من هذه الرؤية الملهمة فقد نجح السيد علي الميرغني في استقطاب القوى الكبرى والفاعلة في النخبة الوطنية المتعلمة والمثقفة التي تصدت للسيطرة والهيمنة الاستعمارية المتغطرسة أثناء الحقبة الاستعمارية البريطانية وأقدمت على المبادرة بالشروع في المقاومة الرافضة والمناهضة لها في مرحلة لاحقة.
وكما هو معلوم فقد جاء ذلك النجاح من جانب السيد علي في القدرة على استقطابه لتلك النخبة وتوفير العناية بها وتقديم الرعاية لها رغم أنها ــ أي تلك النخبة المناضلة ــ كانت قد حصلت، لدى بداية بروزها وظهورها وصعودها في الممارسة السياسية العامة، على المساندة لها من جانب مؤسس حزب الأمة وكيان الأنصار الزعيم الوطني الراحل السيد عبد الرحمن المهدي.
بيد أن قبول الأخير بالموافقة على الدخول في مساومة ومناورة مع الهيمنة والسيطرة الاستعمارية والإمبريالية المتغطرسة من جانب الوجود الاستعماري البريطاني في السودان آنذاك، إضافة إلى المواقف المتشددة والبالغة الحدة والشديدة الوطأة من جانبه ــ أي من جانب السيد عبد الرحمن المهدي ــ في التصدى للشريك المصري الشكلي في الاستعمار البريطاني، قد كان هو الثغرة التي هيأت الفرصة السانحة والمتاحة للسيد علي الميرغني الذي لم يتردد في انتهازها وإثبات القدرة على الاستفادة منها وتوظيفها في سعيه لاستقطاب القوى الكبرى والفاعلة في النخبة المتعلمة والمناضلة والمبادرة للمساهمة في المناهضة الرافضة للاستعمار البريطاني، وما كان يحظى به من سيطرة منفردة ومتغطرسة في الهيمنة لدى المقارنة مع المشاركة الشكلية للطرف المصري الذي كان يعاني بدوره من ذلك الوضع الاستعماري البريطاني لدولتي وادي النيل بكل من مصر والسودان.
أما المقارنة ذات المغزى والدلالة فيما يتعلق بالتحدى الحالي لكل من السيد الميرغني ود. الترابي في مدى القدرة على المضي على خطى المرشد الختمي الراحل السيد علي الميرغني، فإنما تتمثل في أن الأخير كان قد أقدم على الإسهام في انشقاق حزب الشعب الديمقراطي عن الحزب الوطني الاتحادي، ثم قام في مرحلة لاحقة بالإسهام في العودة إلى الوحدة بين الحزبين.. فهل ينجح الترابي في المضي على هذه الخطى الراشدة والممارسة السياسية الماهرة ويتمكن من العودة إلى الوحدة بين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي المنشق عنه والمعارض له، أم أن المرشد الختمي الحالي السيد محمد عثمان الميرغني هو الذي سينجح في تحقيق ما يرمي له بالمضي على خطى والده. ونواصل غداً إن شاء الله..
محمد سيد احمد
وحي القلم – صحيفة الإنتباهة