مقالات متنوعة

طاحونة الشائعات بين حفتر والتمرد السوداني

طاحونة الشائعات بين حفتر والتمرد السوداني
في تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية نشر قبل شهر ذكر محرره مراسل الصحيفة من القاهرة «باتريل كنفسلي» إن هناك همساً بتدخل سوداني عسكري لصالح الإسلاميين. وبالطبع لأن الأجواء السياسية في المنطقة ملائمة لمثل هذه الشائعات، فإن أحد الدبلوماسيين الموصوف بأنه دبلوماسي كبير، رفض هذا الاتهام، وقال إنها مجرد شائعات وأن حرص السودان على علاقات جيدة بمصر يقلل من احتمال تدخله ضد مصر في ليبيا.
حديث الدبلوماسي الذي يحمل مرافعة موضوعية لصالح السودان بحكم خبرته في العلاقات الدولية، يؤكد أيضاً من ناحية أخرى أن مصر هي التي تتدخل في ليبيا. ومصر ترفض تدخل غيرها طبعاً إذا لم يتدخل في ظل وجهة نظرها تجاه الأوضاع والمصير في ليبيا. وهي تشهد مرحلة تحول كبيرة. لا أريد هنا الخوض في أن السيسي رئيس مصر مسبقاً من الغربيين لقيادة الدولة المصرية المرتبطة بإسرائيل وقيادة أكبر عدد من دول المنطقة في اتجاه أجندة السياسات الأمريكية والاسرائيلية الخارجية، ولا أريد في هذا السياق الإشارة إلى الطائرة القادمة من واشنطون واسقطت وهي تحمل ضباطاً مصريين كان من المفترض ان يكون من بينهم السيسي ويعود معهم كما ذهب معهم لكنه تخلَّف أو «خُلِّف».
لكن ما أريد قوله هنا هو ان فكرة استثمار المناخ السياسي في ليبيا لإطلاق الشائعات ضد السودان، يبدو إنها مختمرة في الذهن بعد إسقاط القذافي بعزيمة الاسلاميين. فلم تكن فرنسا صاحبة عزيمة في إسقاطه لكنها صاحبة قدرة على التغيير حينما يمهد لها الطريق وتنبت من عزيمة الثوار الحجة لذلك. الآن في الساحة الليبية والذي يعول عليه من بعض «الجهات» لإزالة التأثير السياسي الاسلامي في ليبيا بعد ان استنفد غرضه بالنسبة لهم، والغرض كان في نظرهم «الصف الواحد ضد القذافي» هو اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي كان قبل عشرات السنين مخلب قط لنظام القذافي في عملية العدوان القذرة ضد دولة تشاد، وضد الشعب التشادي، ولو لم يجد الخذلان من القذافي لكان الآن مع عبدالله السنوسي وسيف الاسلام من حيث المصير، فقد نجاه سلوك القذافي مع رفقاء دربه او بعضهم. والآن ترى بماذا سيعيب خليفة حفتر اذا طرح عليه سؤال يقول: «هل انت الان سعيد بان يخذلك القذافي ويتخلى عنك في حربه القذرة في تشاد لتصبح بعد ذلك مطيعاً للتوجيهات الأمريكية ضد ليبيا حينها ثم الآن قائداً عسكرياً بعد مرحلة القذافي ممتلئاً بالأمل في قيادة ليبيا، ام كان افضل لك ألا يتخلي عنك فرعون ليبيا القذافي وان تستمر معه حتى سقوطه؟» إن حفتر ليس له مبدأ معين، لكنه الآن أمامه فرصة كبيرة لقيادة ليبيا يحاول تسويقها إقليمياً ليجد الدعم من السيسي واسرائيل وبعض دول المشرق العربي المتهمة بأنها تموّل العمليات العسكرية ضد الثوار في ليبيا. لكن هل كل هذا يُعد شأناً ليبياً لن يتأثر به السودان؟ حركة العدل والمساواة التي كانت تتمتع بدعم من القذافي لا حدود له يمكن ان تفكر – حسب اتجاه الريح السياسية في المنطقة – في العودة إلى ليبيا تحت مظلة حفتر كبديل للقذافي من حيث الدعم والتمويل من المال العام الليبي، فهي فكرة خاصة وأن الاوضاع في ليبيا مؤخراً أوجدت طاحونة شائعات ضد السودان بدعمه لبعض الثوار الليبيين ضد طموح حفتر ومن وراءه من بعض دول الاقليم، وطبعاً هذا يقال بلا دليل ولا حتى استنتاج بقرائن، وإنما يرسمه الخيال السياسي فقط. لكن رغم سوء الأوضاع في جنوب السودان فإن حركة العدل والمساواة لن تكون ليبيا هي الملجأ الأفضل لها بعد إطاحة القذافي حتى ولو وصلتها دعوة من حفتر وهي غير مستبعدة ما دام ان طاحونة الشائعات بدأت تعمل. وأقبح شائعة كانت اتهام السودان بدعمه لبعض الثوار، مع أن ما حدث كان في إطار عمل القوات المشتركة، وهذا يكون بلوائح لكن في هذا الوقت سيدة الموقف تكون الشائعات وقد اشتغلت طاحونتها.

الكاتب : خالد حسن كسلا
الحال الآن – صحيفة الإنتباهة